أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الأربعــــــــــون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الأربعون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :
*أهمية التوحيد وثمراته :
قوله - تعالى -: ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ ﴾ [النحل: 36]، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن الأمم التي بعث فيها الرسل بالتوحيد منهم سعيد، ومنهم شقي؛ فالسعيد منهم يهديه الله إلى اتباع ما جاءت به الرسل، والشقي منهم يسبق عليه الكتاب فيكذِّب الرسل، ويكفر بما جاؤوا به، فالدعوة إلى دين الحق عامَّة، والتوفيق للهدى خاصٌّ؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [يونس: 25]، فقوله: ﴿ فَمِنْهُمْ ﴾؛ أي: من الأمم المذكورة في قوله: ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ ﴾، وقوله: ﴿ مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ ﴾؛ أي: وفَّقه لاتباع ما جاءت به الرسل".
"يقول - تعالى ذكره -: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا ﴾ أيُّها الناس ﴿ فِي كُلِّ أُمَّةٍ ﴾ سلفت قبلكم ﴿ رَسُولاً ﴾، كما بعثنا فيكم بـ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ وحده لا شريك له وأفردوا له الطاعة وأخلصوا له العبادة، ﴿ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ يقول: وابعدوا من الشيطان، واحذروا أن يغويكم ويصدَّكم عن سبيل الله فتضلُّوا ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ ﴾ يقول: فممن بعثنا فيهم رسلنا من هدى الله، فوفَّقه لتصديق رسله والقبول منها، والإيمان بالله والعمل بطاعته، ففاز وأفلح ونجا من عذاب الله، ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ ﴾ يقول: وممَّن بعثنا رسلنا إليه من الأمم آخرون حقَّت عليهم الضلالة، فجاروا عن قصد السبيل، فكفروا بالله وكذَّبوا رسله واتَّبعوا الطاغوت، فأهلكهم الله بعقابه، وأنزل عليهم بأسه الذي لا يُرَدُّ عن القوم المجرمين".
"فيكف يسوغ لأحد من المشركين بعد هذا أن يقول: ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 35]، فمشيئته - تعالى - الشرعية عنهم منتفية؛ لأنَّه نهاهم عن ذلك على ألسنة رسله، وأمَّا مشيئته الكونية وهي تمكينهم من ذلك قدرًا، فلا حُجَّة لهم فيها؛ لأنه - تعالى - خلق النار وأهلها من الشياطين والكَفَرَة، وهو لا يرضى لعباده الكفر، وله في ذلك حجة بالغة وحكمة قاطعة"، "فالقرآن صريح في أن أساس دعوة جميع الرسل: التوحيد، وإفراد الله بالعبادة".
5- التوحيد من أجله أنزل الله الكتب:
قال تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾ [هود: 1- 2]، "يقول - تعالى -: هذا ﴿ كِتَابٌ ﴾ عظيم، ونُزُل كريم، ﴿ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾؛ أي: أُتْقِنت وأُحْسِنَت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة ألفاظه بهية معانيه، ﴿ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾؛ أي: ميزت، بينت بيانًا في أعلى أنواع البيان، ﴿ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، لا يأمر ولا ينهى إلا بما تقتضيه حكمته، ﴿ خَبِيرٍ ﴾ مطَّلع على الظواهر والبواطن، فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير فلا تسأل بعد هذا عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة وسعة الرحمة، وإنما أنزل الله كتابه لأجل ﴿ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ ﴾؛ أي: لأجل إخلاص الدين كله لله، وألاّ يشرك به أحد من خلقه، ﴿ إِنَّنِي لَكُمْ ﴾ أيُّها الناس ﴿ مِنْهُ ﴾؛ أي: من الله ربكم ﴿ نَذِيرٌ ﴾ لِمَن تجرَّأ على المعاصي، بعقاب الدنيا والآخرة ﴿ وَبَشِيرٌ ﴾ للمطيعين لله، بثواب الدنيا والآخرة"."فهذه الآية الكريمة فيها الدلالة الواضحة على أن الحكمة العظمى التي أُنزل القرآن من أجلها هي: أن يُعبد الله - جلَّ وعلا - وحده، ولا يُشرك به في عبادته شيء؛ لأن قوله - جل وعلا -: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾ - صريح في أن آيات هذا الكتاب فصِّلت من عند الحكيم الخبير؛لأجل أن يُعبد الله وحده"."أي: نزل هذا القرآن المحكم المفصَّل لعبادة الله وحده لا شريك له؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون ﴾ [الأنبياء: 25]، وقال: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا
الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].
"وعبادة الله وحده هي أصل الدين، وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب".
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته