أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة السابعة والثلاثون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والثلاثون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*أهمية التوحيد وثمراته : وقال ابن جرير:

حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبي، عن أبي هلال، عن أبي حمزة الضُّبَعي، عن ابن عباس قال: أخرج الله ذرية آدم من ظهره كهيئة الذَّرِّ وهو في أذًى من الماء، وقال أيضًا: حدثنا علي بن سهل، حدثنا ضمرة بن ربيعة، حدثنا أبو مسعود، عن جرير، قال: مات ابن الضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام، قال: فقال: يا جابر، إذا أنت وضعت ابني في لحده فأبرز وجهه، وحلَّ عنه عُقَدَه، فإن ابني مُجْلَس ومسؤول، ففعلت به الذي أمر، فلما فرغت قلت: يرحمك الله، عمَّ يسأل ابنك؟ مَنْ يسأله إياه؟ قال: يسأل عن الميثاق الذي أقرَّ به في صلب آدم، قلت: يا أبا القاسم، وما هذا الميثاق الذي أقرَّ به في صلب آدم؟ قال: حدثني ابن عباس: إن الله مسح صلب آدم، فاستخرج منه كلَّ نسمة هو خلقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وتكفَّل لهم بالأرزاق، ثم أعادهم في صلبه، فلن تقوم الساعة حتى يولد مَن أعطى الميثاق يومئذ، فمَن أدرك منهم الميثاق الآخر فَوَفَى به نفعه الميثاق الأول، ومَن أدرك الميثاق الآخر فلم يقرَّ به لم ينفعه الميثاق الأوَّل، ومَن مات صغيرًا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول - على الفطرة - فهذه الطرق كلها مما تقوِّي وقف هذا على ابن عباس، والله أعلم.

فهذه الأحاديث دالَّة على أن الله - عز وجل - استخرج ذرية آدم من صلبه وميَّز بين أهل الجنة وأهل النار، وأمَّا الإشهاد عليهم هناك بأنه ربُّهم فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وفي حديث عبدالله بن عمرو، وقد بيَّنَّا أنهما موقوفان لا مرفوعان كما تقدَّم، ومن ثمَّ قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد كما تقدَّم في حديث أبي هريرة وعياض بن حمار المجاشعي ، ومن رواية الحسن البصري، عن الأسود بن سريع، وقد فسَّر الحسن الآية بذلك قالوا: ولهذا قال: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ ﴾، ولم يقل: من آدم، ﴿ مِنْ ظُهُورِهِمْ ﴾ ولم يقل: من ظهره ﴿ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾؛ أي: جعل نسلهم جيلاً بعد جيل، وقرنًا بعد قرن؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 165]، وقال: ﴿ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ﴾ [النمل: 62]، وقال: ﴿ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 133]، ثم قال: ﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾؛ أي: أوجدهم شاهدين بذلك قائلين له حالاً وقالاً، والشهادة تارة تكون بالقول؛ كقوله: ﴿ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ الآية، وتارة تكون حالاً كقوله - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ﴾ [التوبة : 17]؛ أي: حالهم شاهد عليهم بذلك لا أنهم قائلون ذلك، وكذا قوله - تعالى -: ﴿ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴾ [العاديات: 7]، كما أن السؤال تارةً يكون بالقال وتارة يكون بالحال كقوله: ﴿ وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾ [إبراهيم: 34]، قالوا: ومما يدلُّ على أن المراد بهذا هذا أن جعل هذا الإشهاد حُجَّة عليهم في الإشراك، فلو كان قد وقع هذا كما قال مَن قاله، لكان كلُّ أحد يذكره ليكون حُجَّةً عليه، فإن قيل: إخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - به كافٍ في وجوده، فالجواب أن المكذِّبين من المشركين يكذِّبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره، وهذا جُعِل حجة مستقلَّة عليهم، فدلَّ على أنَّه الفطرة التي فُطِروا عليها من الإقرار بالتوحيد، ولهذا قال: ﴿ أَنْ تَقُولُوا ﴾؛ أي: لئلاَّ تقولوا يوم القيامة: ﴿ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾؛ أي: التوحيد ﴿ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا ﴾" الآية.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته