أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الثانية عشرة بعد المائة في موضــــــــــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانيةعشرة بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من

اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :*حقيقة التوحيد والشرك :

فاليهود والنصارى لما لم يصدقوا محمداً عليه الصلاة والسلام، صاروا بذلك كفاراً ضلالاً، وإن فرضنا أن بعضهم وحد الله، فإنهم ضالون كفار بإجماع المسلمين، لعدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلو قال شخص إني أعبد الله وحده، وأصدق محمداً في كل شيء إلا في تحريم الزنا، بأن جعله مباحاً، فإنه يكون بهذا كافراً حلال الدم والمال بإجماع المسلمين، وهكذا لو قال: إنه يوحد الله ويعبده وحده دون كل من سواه، ويصدق الرسل جميعاً، وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم إلا في تحريم اللواط، وهو إتيان الذكور، صار كافراً حلال الدم والمال بإجماع المسلمين، بعد إقامة الحجة عليه إذا كان مثله يجهل ذلك، ولم ينفعه توحيده ولا إيمانه؛ لأنه كذب الرسول، وكذب الله في بعض الشيء.

وهكذا لو وحد الله، وصدق الرسل، ولكن استهزأ بالرسول في شيء، أو استنقصه في شيء أو بعض الرسل، صار كافرا بذلك، كما قال جل وعلا: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65-66] ثم إن ضد هذا التوحيد هو الشرك بالله عز وجل، فإن كل شيء له ضد، والضد يبين بالضد قال بعض الشعراء:

والضد يظهر حسنه الضد *** وبضدها تتميز الأشياء

فالشرك بالله عز وجل، هو ضد التوحيد الذي بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام، فالمشرك مشرك؛ لأنه أشرك مع الله غيره، فيما يتعلق بالعبادة لله وحده، أو فيما يتعلق بملكه وتدبيره العباد، أو بعدم تصديقه فيما أخبر أو فيما شرع، فصار بذلك مشركاً بالله، وفيما وقع منه من الشرك.

وتوحيد الله عز وجل الذي هو معنى لا إله إلا الله، يعني أنه لا معبود بحق إلا الله، فهي تنفي العبادة عن غير الله بالحق، وتثبتها لله وحده، كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان من الآية:30]، وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد من الآية:19]، وقال سبحانه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:18]، وقال سبحانه: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل من الآية:51]، فتوحيد الله هو إفراده بالعبادة عن إيمان، وعن صدق، وعن عمل، لا مجرد كلام. ومع اعتقاده بأن عبادة غيره باطلة، وأن عباد غيره مشركون، ومع البراءة منهم، كما قال عز وجل: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة من الآية:4]، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ . إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف:26-27] فتبرأ من عبّاد غير الله، ومما يعبدون.

فالمقصود أنه لا بد من توحيد الله، بإفراده بالعبادة والبراءة من

عبادة غيره، وعابدي غيره، ولا بد من اعتقاد وبطلان الشرك، وأن الواجب على جميع العباد من جن وإنس، أن يخصوا الله بالعبادة، ويؤدوا حق هذا التوحيد بتحكيم شريعة الله، فإن الله سبحانه وتعالى هو الحاكم، ومن توحيده الإيمان والتصديق بذلك، فهو الحاكم في الدنيا بشريعته، وفي الآخرة بنفسه سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ} [الأنعام من الآية:57]، وقال تعالى: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر من الآية:12]، وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى من الآية:10]. وصرف بعض العبادة للأولياء أو الأنبياء أو الشمس والقمر، أو الجن أو الملائكة، أو الأصنام أو الأشجار أو غير ذلك، كل هذا ناقض لتوحيد الله، ومبطل له.

وإذا علم أن الله سبحانه بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، والأنبياء قبله إلى أمم يعبدون غير الله، منهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الأصنام المنحوتة، ومنهم من يعبد الكواكب إلى غير ذلك، فقد دعوهم كلهم إلى توحيد الله، والإيمان به سبحانه، وأن يقولوا: لا إله إلا الله، وأن يبرءوا مما يخالفها، وأن يبرءوا من عابدي غير الله، ومن معبوداتهم، وأن من صرف بعض العبادة لغيره فما وحده كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل من الآية:36].

وبهذا تعلم أن ما يصنع حول القبور المعبودة من دون الله. مثل قبر البدوي، والحسين بمصر وأشباه ذلك، وما يقع من بعض الجهال من الحجاج وغيرهم عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم من طلب المدد والنصر على الأعداء، والاستغاثة به والشكوى إليه ونحو ذلك، أن هذه عبادة لغير الله عز وجل، وأن هذا شرك الجاهلية الأولى، وهكذا ما قد يقع من بعض الصوفية من اعتقادهم أن بعض الأولياء يتصرف في الكون ويدبر هذا العالم والعياذ بالله شرك أكبر في الربوبية. وهكذا ما يقع من اعتقاد بعض الناس، أن بعض المخلوقات له صلة بالرب عز وجل، وأنه يستغني بذلك عن متابعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكائنات، وما أشبه ذلك، فإنه كفر بالله أكبر، وشرك ظاهر، يخرج صاحبه من الملة الإسلامية إن كان ينتسب إليها.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته