أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة السابعة والثمانــون في موضــــــــــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : *أقسام التوحيد :

أما بالنسبة لأقسام التوحيد فهي ثلاثة أقسام: الأول: توحيد الربوبية، الثاني: توحيد الألوهية، الثالث: توحيد الأسماء

والصفات، وهذا التقسيم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يستعمل هذه الاصطلاحات: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، كما لم يرد عنه العلم الذي يسمى: علم أصول الفقه، ولا مصطلح الحديث، وأصول التفسير، والتفسير واللغة العربية والنحو والصرف والبلاغة ونحوها، فهذه طرائق معينة لفهم الدين، فهي من باب الوسائل التي تسهل فهم هذه العلوم وتبسطها وتصونها من التحريف والزيغ. والنبي صلى الله عليه وسلم قد أتى بمضمون هذه الأقسام الثلاثة، ولا مشاحة في الاصطلاح، فلا نختلف في الاصطلاح، لكن المهم ما وراء هذا الاصطلاح. ......

توحيد الربوبية

توحيد الربوبية: هو توحيد الله بأفعاله، أي: الأفعال التي تأتي من الرب إلى المربوبين الذين يربيهم وينميهم، فيأتيهم بالرزق، وهو الذي يحيي، والذي يميت، فكل ما أتى من الله أو فعله الله فهو من الربوبية، فتوحيد الربوبية: أن يؤمن العبد أنه لا يحيي ولا يميت ولا يرزق ولا يفعل أفعال الربوبية سوى الله سبحانه وتعالى، فلا يخلق إلا الله، ولا يرزق إلا الله، ولا يحيي إلا الله، ولا يميت إلا الله، ولا يضر إلا الله، ولا ينفع إلا الله ... فتوحيد الربوبية: توحيد الله بأفعاله. وهذا النوع من التوحيد كان موجوداً لدى أكثر المشركين الكفار الذين حكى الله سبحانه وتعالى قصصهم مع الأنبياء والمرسلين، فكان موجوداً عند قوم نوح، وقوم صالح، وقوم هود، وجميع الأنبياء، حتى المشركين الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بأنه لا يحيي ولا يرزق ولا يخلق إلا الله، قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25]، كانوا على بقية من دين إبراهيم، لكن طرأ عليهم الشرك.

توحيد الربوبية لا يكفي لدخول المرء في الإسلام

توحيد الربوبية لا يكفي لدخول صاحبه في الإسلام، فإن فرعون كان يعلم بوجود الله تعالى رغم أنه الذي كان يقول: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، وكان يقول: يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، وكان قومه يعلمون بوجود الله، والدليل على ذلك: أنهم لما أتاهم بأس الله هرعوا إلى موسى وقالوا: يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ [الأعراف:134]، وفرعون نفسه -كما حكى الله عز وجل عنه في سورة الإسراء- قال له موسى: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا [الإسراء:102]، هذا خبر عن موسى عليه الصلاة والسلام، فيخبر عما في قلب فرعون، وهو لا يخبر إلا عن شيء يعلمه، كما جاء في سورة النمل: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14]، لكن كانوا في قلوبهم يعلمون يقيناً أن موسى رسول الله حقاً. إذاً: كان فرعون يعلم أن هناك إلهاً، وكان يعلم أن موسى رسول الله بنص القرآن كما بينا، موسى يقول لفرعون: قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ [الإسراء:102] يعني: هؤلاء الآيات: إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا [الإسراء:102]، إذاً بنص القرآن فإن فرعون كان يعلم بوجود الله، و أبو جهل كان يوحد توحيد الربوبية، و أبو لهب كان يوحد توحيد الربوبية، واليهود بلا شك يوحدون توحيد الربوبية، وكذلك النصارى، لكن العبرة بما يأتي من أقسام التوحيد.

لا بد من توحيد الألوهية لدخول الإسلام

توحيد الألوهية: هو توحيد العبادة والقصد. فتوحيد الألوهية أو توحيد الإلهية: هو توحيد الله بأفعال العباد، فلا يصرف الإنسان عبادته إلا إلى الله، كما أنه لا رازق إلا الله، ولا خالق إلا الله، ولا محيي ولا مميت إلا الله؛ فكذلك لا معبود إلا الله سبحانه وتعالى. فهذا هو معنى توحيد الإلهية، أي: ألا تعبد إلا الله وتكفر بكل ما سواه من الآلهة الباطلة، سواء ما جاء عن الآباء والأجداد إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23]، أو كان هذا الإله هو الشيطان، أو الطاغوت وهو الحاكم بغير ما أنزل الله، وكذلك الساحر، والكاهن، والعراف الذي يدعي معرفة الغيب، والمال، والبنون.. كل هذه آلهة باطلة تعبد من دون الله سبحانه وتعالى، فينبغي أن تفرد الله بالعبادة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته