أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الرابعة والثمانــون في موضــــــــــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعةوالثمانون في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : *التوحيد أولاً :

*بيان معنى (الحكم لله) أو (الحاكمية لله) :

إذاً: الحكم بما أنزل الله درجات، أعلاها: ما يتعلق بالحاكم، بأن يسوس الناس ويحكمهم بالدين، وأن يحرس الدين، فسياسة الدنيا بالدين وحراسته هي وظيفة الحاكم.أما المحكومون فتتنوع مسئولياتهم بتنوع أقدارهم ومواطنهم، فأنت تحكم بما أنزل الله مثلاً بين أولادك ، فمما أنزل الله ألا تفضل بعضهم على بعض في العطية، فمن فضل ولداً على سائر إخوته بالهدية -مثلاً- أو الهبة فإنه لم يحكم بما أنزل الله؛ لأن الله حرم هذا،وأيضاً: أمرالزوجة بالمحافظة على الصلوات : {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا }[طه:132]، هذا أمر وحكم أنزله الله، وقال عز وجل في بعض أحكام الطلاق: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ }[الطلاق:5]. فالحكم بما أنزل الله يمتد ليشمل كثيراً من الجوانب، منها: الجانب السياسي، والاجتماعي، وجانب العبادات، وجانب التوحيد، وهو أعظمها بلا شك.

إذاً: هذا مما ينبغي الانتباه إليه، فليست الحاكمية بالمفهوم الضيق الذي طرأ في العصور الأخيرة، لكن الحاكمية أوسع من هذا، ولا يعني هذا أننا نبتر الجانب السياسي من الإسلام، ولكن يكون قدره أقل بالنسبة لأصل الأصول ألا وهو توحيد الله عز وجل. أيضاً: ما هو الأثر عندما نعتبر أن الحكم هو أصل الأصول في الدعوة الإسلامية؟ هذا يترتب عليه أن يصبح الحكم غاية، والحكم ما هو إلا وسيلة لتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى؛ لكن ليس هو الغاية العظمى من بعثة الرسل؛ ولذلك فإن الصحابة رضي الله عنهم كان يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أغاروا على قوم أن يدعوهم قبل القتال، فلم تكن المسألة مسألة غنيمة فقط، كما أنهم لم يقهروا الناس أو يكرهوهم على الدخول في الدين مباشرة، ولم يبدءوهم بالقتال، ولكن كانوا يبلغونهم الدين قبل كل شيء؛ لأن الجهاد والفتح ما هو إلا وسيلة لتطبيق شرع الله، والدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى.

الدعوة إلى توحيد الله لا تتوقف على وجود الحكومة الإسلامية

إذا لم يتمكن المسلمون من إقامة الحكومة الإسلامية فهل ينفضون أيديهم من تبعات الدعوة؟ لا؛ لأنه ما زالت المسئولية الأصلية باقية، ألا وهي الدعوة إلى توحيد الله، وإلى تصفية العقيدة، والصبر على ما وراء ذلك من الأذى. وكما سبق في قصة يوسف عليه السلام أنه أدى هذه الواجبات وهو مسجون: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ }[يوسف:39-40]، فهو يوضح معنى (إن الحكم إلا لله) أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:40].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته