أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــــــــــــــة الثالثة في موضــــــــــــــــــــــوع الواحــــــــــــــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : المقدمة :

23- أنَّ أسماء الله تعالى وصفاتِه متفاضلةٌ في الدَّلالة، فبعضها أعظمُ من بعض، وفي كلٍّ عظَمة، واشتهر ذلك في تحديدِ العلماء اسمَ الله الأعظم.

24- أنَّ الأسماء والصفاتِ الإلهية تقتضي آثارًا هي عليها دلائل، واللُّغة العربية دالَّة على هذا الاقتضاء؛ من حيثُ كانت الجملة الفعلية مبنيةً على إحْداث الفاعل أثرًا مفعولاً، وكانتِ الأسماء والصفات الإلهية مصوغةً على اسمِ الفاعل أساسًا، أو على ما عمِل عملَه دَالاًّ دلالتَه، وزائدًا عليها، كصِيغ المبالغة، والصِّفة المشبّهة.

25- أنَّ آثارَ الأسماء والصفات ثابتةٌ في النصوص الشرعية مِن القرآن والحديث، وتأتي بالتصريح بلفْظ الأثَر، وتقدير لفْظه، وذِكْر الأثَر على أنه آية، ونِسْبة الأثرِ لله تعالى مِلكًا، ونسبته له اختصاصًا، ونسبته له فِعلاً، ونفْي نِسبة التأثير للخلْق وإثباته لله، وذكْر الأثر مجملاً ومفصَّلاً، وربطه بالصِّفة التي اقتضتْه.

26- أنَّ الآثارَ ثابتةٌ لله تعالى بالعقل؛ إذ كلُّ موجود غيبي لا تُدرَك صفاته إلا بآثارها، وكذلك فإنَّ الله تعالى متَّصِف بصفات الكمال، وهو يحبُّ صفاته، ويحبُّ أن تُذكَر هذه الصفات، ويحب تَخَلُّقَ العباد بمعاني صفاته، ومِن ثَمَّ يحب أن تَظهر صفاته لعباده؛ حتى يتسنَّى لهم التخلُّق بمعانيها، فجعَل سبحانه الكونَ والإنسان آثارًا لها دلائل عليها.

27- أنَّ آثارَ الأسماء والصفات الإلهية نوعان: آثار مفعولة، وأخرى متضَمَّنَة غير مفعولة، فكوْن الخلْق مرزوقين هو أثرٌ

مفعول لاسمه الرزَّاق، وفقرهم أثرٌ كذلك، ولكنَّه غير مفعول لغناه، ولكنَّه أثر متضمن، فقد خلقَهم الله تعالى كذلك؛

ليفهموا معنى "الغني" الذي يلجأ إليه الناس، ويُمكن اعتبارُ الفقر أثرًا مفعولاً للإرادة الإلهيَّة والعِلم الإلهي.

28- أنَّ الآثارَ المفعولة نوعان: كونيَّة وشرعية، الأوَّل: الكون بما فيه، والثاني: التكاليف الدِّينيَّة، ومنها التخلُّق بالأسماء والصِّفات الإلهية.

29- أنَّ التخلُّقَ بالأسماء والصفات الإلهية له حدود، فهو فيما لا يَنبغي الاتِّصافُ به من صِفات الله تعالى التي انفرد بها، يكونُ على نحوٍ ضدي، كإظهارِ العبد الفقر؛ تخلقًا أمامَ اسمه تعالى الغني، وهو يقتضي التوكلَ على الله تعالى، واللجوءَ إليه، ودعاءَه في الحاجات والشدائد، أو على تأويل كالتخلُّق باسمه الجبَّار، أو في حال تغلب فيها المصلحةُ، كالتكبُّر في الحروب على الأعداء.

وهو في الصِّفات المشترَكَة يكون بالتخلُّق بمعنًى من هذه الصفات، كتخلُّق العبد بالصبر أثرًا لاسمه الصبور، وبالرحمة أثرًا لاسمه الرحيم، وعلى ذلك ما كان مِن نحوه.

30- أنَّ الآثارَ المفعولة واجبةٌ عن الصفات، لا يتصوَّر صفة مِن غير أثرٍ يُظهرها، كما لا يُتصوَّر أثرٌ من غير صفة تقتضيه، وهذا الوجوبُ لا يعني المقارنة، وإنما هو يعني أنَّ الصفة لا بدَّ أن يكون لها أثرٌ يصدر على ما تقتضيه الإرادةُ والحِكمة من زمان ومكان، فالصِّفة قديمة، والأثَر حادِث، ولا بدَّ له أن يحدُث، وهذا معنَى وجوبِه، وبمثل هذا الكلام يُردُّ على القول بوَحْدة الوجود الصوفية، وكذلك القول بنظرية "الفيض" الفلسفية.

31- أنَّ العلاقة بيْن الأسماء والصفات وبيْن آثارها تلازميَّة من الجانبين، فثُبوت أحدهما يعني ثبوتَ الآخر، والأدلَّة الدالة على ذلك ذاتيةٌ ثابتة، لا تتغيَّر بالفعل ولا بالاعتبارات، كالمخلوقات فهي أدلَّة تدلُّ على الأسماء والصفات بذاتها دلالاتٍ ثابتة، كما أنَّ الصفة تدلُّ على أثرها هذه الدلالة أيضًا، فهناك أحدُهما ما دام الآخَر، وتلازم الدلالة بيْن الصفة وأثرها يقتضي أحكامًا بينهما لفظيَّة ودَلالية.

32- أنَّ مِن الأحكام اللفظية بيْن الصِّفة وأثرها: إطلاقَ لفظ الصِّفة على أثرِها، كتسمية المطر رحمةً، وكإطلاق لفظِ الأثَر على الصفة، كصلاةِ الله تعالى على عباده، والمعنى: رحمة الله لعباده، فهي مِن آثارِ رحمته، فأُطلق الأثَر وأُريد الصفة؛ للتلازمِ الذي بينهما، وكإطلاقِ لفظ الأثَر على الموصوفِ بالصفة، كإطلاقِ لفظ الدهْر على الله تعالى في قوله: (أنا الدهر)، ومعلومٌ أنَّنا لا نقول: "يا دهر"، داعين الله، والدهر أثرٌ لتقديرِ الله تعالى وقيوميته، وأُطلِق الأثر على الموصوف؛ لأنَّه يُطلق على صفاته، وهي لا تنفَصِل عنه،ومِن ذلك تسميةُ الأثر بلفظ مشتقٍّ من الصفة، كالرحم مشتقَّة من الرحمن.

33- أنَّ مِن الأحكام الدلالية بيْن الصفة وأثرِها: اقتضاءَ صِفات كثيرة لأثَرٍ واحد، وإظهار آثار متعدِّدة لصِفة واحدة، فالأول: كالمطر، هو أثرٌ للعلم والإرادة، والقدرة والرحمة، وقد يكون لضدِّ الرحمة حين يكون وسيلةَ عذاب، والثاني: كعناصرِ الخلْق كلها أثرٌ للحِكمة، والمعلومات كلُّها أثرٌ للعلم، ومظاهِرُ الفتح كلها أثرٌ لاسمه الفتَّاح [الأنترنت – موقع الألوكة - آثار الأسماء والصفات الإلهية في الكون والإنسان "دراسة تحليلية" بعض نتائج البحث - د. محمد شلبي محمد ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته