أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــة الرابعة والثلاثون بعد المائتـــن في موضــــوع المحصي
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد : فهذه الحلقة
الرابعة والثلاثون بعد المائتين في موضوع (المحصي) وهي بعنوان: *صفة الإحاطة لله عز وجل : وقد أظهَر المعنى المشار إليه شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين"، وهو يشرح حديث أبي هريرة السابق (ص 21): "..... وأما تعبُّده باسمه الباطنِ، فأمرٌ يَضيقُ نطاقُ التعبير عن حقيقته، ويَكِلُّ اللسان عن وصفِه، وتَصْطَلِمُ الإشارة إليه، وتَجفو العبارة عنه، فإنه يَستلزم معرفةً بريئةً مِن شوائب التعطيل، مُخَلَّصةً مِن فَرْثِ التشبيه، منزَّهةً عن رِجس الحلول والاتحاد، وعبارةً مؤدِّيةً للمعنى كاشفةً عنه، وذوقًا صحيحًا سليمًا من أذواق أهل الانحراف، فمَن رُزِق هذا، فَهِمَ معنى اسمِه الباطن، وصحَّ له التعبُّد به، وسبحان الله! كم زلَّت في هذا المقام أقدامٌ، وضلَّت فيه أفهامٌ، ونَظَمَ فيه الزنديقُ بلسان الصِّدِّيق! فاشتبَه فيه إخوانُ النصارى بالحُنفاء المخلصين؛ لِنُبُوِّ الأفهام عنه، وعِزَّةِ تَخلُّص الحقِّ مِن الباطل فيه، والتباسِ ما في الذهن بما في الخارج، إلا على مَن رزَقه الله بصيرةً في الحق، ونورًا يُميِّز به بين الهدى والضلال، وفُرقانًا يُفرِّق به بين الحق والباطل، ورُزِق مع ذلك اطِّلاعًا على أسباب الخطأ وتفرُّقِ الطرق ومثارِ الغلط، فكان له بصيرة في الحق والباطل، وذلك فضلُ الله يؤتيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
وباب هذه المعرفة والتعبُّد هو معرفة إحاطة الربِّ تبارك وتعالى بالعالم وعظمته، وأن العوالم كلَّها في قبضتِه، وأن السماواتِ السبعَ والأرضين السبع في يده كخردلةٍ في يد العبد؛ قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ} [الإسراء: 60]، وقال: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 20]؛ ولهذا يَقرُنُ سبحانه بين هذين الاسمين الدالَّيْنِ على هذين المعنيين: اسم العُلو الدال على أنه الظاهر، وأنه لا شيءَ فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة، وأنه لا شيءَ دونه؛ كما قال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [الشورى: 4]، وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [سبأ: 23]، وقال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .