أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــة الثانية بعد المـــــائتـــن في موضــــوع المحصي

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد : فهذه الحلقة

الثانية بعد المائتين في موضوع (المحصي) وهي بعنوان:

* أهمية الإحصاء في رسم السياسات واتخاذ القرارات :

لقد استخدم المسلمون الإحصاء في العصور الإسلامية، فالتاريخ يشهد أن علم الإحصاء معروف لدى المسلمين وبشكل ملموس؛ إذ كان المسلمون من أوائل من استعان بلغة الأرقام في إحصاء مواردهم وثرواتهم وأنعامهم، لمعرفة مقدار الزكاة فيها، ومعرفة نصيب كل وارث من التركة، وفي حصر الجند وعطاياهم وأسلحتهم.

وكان للمسلمين في الإحصاء اللغوي الباع الأطول، فهذا يعقوب بن إسحاق الكندي المتوفى سنة 260 هـ، يصف في كتابه «علم استخراج المعمى عند العرب» عملية إحصاء تواتر الحروف في لغة ما، وذلك بأخذ عينة كافية من الكلام المنثور في تلك اللغة، وقد أحصى نصًا مؤلفًا من 3667 حرفًا ثم استعمل تلك النتائج بعد ترتيبها في استنباط نص معمَّى وينبه فيها على أمرٍ ذي بال، وهو أن النص المعمَّى ينبغي أن يكون ذا طول كافٍ يسمح بانطباق القواعد الإحصائية عليه، وهي فكرة رياضية على غاية من الأهمية، إنها فكرة قانون الأعداد الكبيرة. كما أن المفكر العربي ابن خلدون الذي يطلق عليه أبو علم الاجتماع، قد عالج قضايا السكان معالجة علمية، فبحث في عمران الدول واتساعها وتأخرها، وربط كل ذلك بنمو عدد السكان ونقصانهم. ويُذكر أن أول عملية إحصاء عام للتعداد السكاني جرت في عهد الخليفة العباسي المأمون، وكانت الغاية منها معرفة مقدار الإيرادات التي ستأتي لبيت مال

المسلمين من الزكاة وغيرها.

أما علم الإحصاء في العصر الحديث فقد أصبح من العلوم المعاصرة المهمة التي تلبي دوافع وطموحات الجهات والمؤسسات والمنشآت العامة والخاصة في الدولة؛ التي أنيط بها التخطيط الاستراتيجي العام للبلاد على الوجه المطلوب، والتي أسند إليها رسم السياسات والخطط التنموية، وعهد إليها اتخاذ القرارات الحكيمة، وإصدار اللوائح والقوانين الصائبة التي تتلاءم مع المؤشّرات، وتنسجم مع المعطيات؛ حيث إن علم الإحصاء يرفد هذه المنشآت بنتائج علمية منبثقة عن الدّراسات الإحصائية، وفي هذا العصر تنوعت طرائق وآليات التحليل الإحصائي، مما أدى إلى تطور سريع للنظرية الإحصائية، وإلى اتساع كبير لها، فأثرت في الحياة العامة أثرًا واضحًا، مما جعل هذا العلم يصل إلى كل المجالات الحديثة، ويلازم كل الدراسات العلمية والمسائل التقنية، فعلم الإحصاء يُعدُّ اليوم من أهم العلوم التي تتوقف عليها التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتربوية؛ محليًا وإقليميًا وعربيًا وعالميًا، فهو إحدى الوسائل المهمة في البحث العلمي من خلال استخدام قواعده وقوانينه وطرقه في عملية الجمع والتلخيص والعرض والتحليل للبيانات والمعلومات المختلفة، واستخلاص النتائج منها وتفسيرها، مما يسهم في وضع الخطط المستقبلية للتنمية من خلال هذه النتائج؛

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .