أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــة الخامسة عشرة بعد المائة في موضــــــــــــــــــوع الديان

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الخامسةعشرة بعدالمائة  في موضوع  ( الديّان ) من اسماء  الله

الحسنى وصفاته وهي بعنوان:*من صفات الدين الحقّ :

سادسًا: الدين الحق يضمن مبدأ العدالة في الثواب والعقاب :

لم يُخلق الإنسان سدىً ولم يُترك هملًا، وقد اقتضت حكمة الخالق عزّ وجلّ، وعدالته المطلقة، أن يكون للإنسان حساب وعقاب على ما يأتيه من أعمال، ويؤديه من التزامات، سواء في إطار علاقاته الإنسانية والمجتمعية، أو في إطار علاقته مع ربه وخالقه، فهناك وعد ووعيد في الدنيا والآخرة. ولذلك كان لابد للدين الحق أن يرسّخ مبدأ عدالة الثواب والعقاب، الثواب لمن أطاع أوامر الخالق، وانتهى عما نهى عنه، والعقاب لمن خالف ذلك، وأصرّ على المعصية. والإسلام هو الدين الوحيد الذي جاء عادلًا ومنصفًا ومتوازنًا وواضحًا في مبدأ الثواب والعقاب، خلاصة ذلك جاءت في قول الخالق سبحانه وتعالى: فَمَنْ

 يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة.

باستثناء الإسلام، فإن الأديان والعقائد المحرّفة والملل البشرية الوضعية، جميعها اضطربت اضطرابًا واضحًا، وتناقضت تناقضًا صريحًا في مبدأ العدالة في الثواب والعقاب. وعلى سبيل المثال، فقد نفت الديانة اليهودية عن الإله الربّ سبحانه وتعالى صفة العدل، تعالى الله عن مثل ذلك علوًا كبيرًا، وبذلك فهي تنسف مبدأ العدالة في الثواب والعقاب من أساسه؛ بل إن اليهود يعتقدون أنهم أبناء اللَّه وأحبّاؤه وحدهم، وأن الإله إنما هو إله بني إسرائيل فقط، وأن الربّ إنما هو ربّ بني إسرائيل دون سواهم من البشر، وأن مختلف الأمم والشعوب من غير جنسهم اليهودي لا أمل لهم في الإله الربّ سبحانه وتعالى، حيث يزعمون أن سائر الأمم والشعوب مرفوضة منه. وبما أن إله اليهود لا يقبل سواهم، ولا يتقبل عبادة إلا منهم، إذن فلا أمل لسائر الأمم والشعوب في التعبد والتقرّب لذلك الإله الربّ الذي خلقهم وأوجدهم من العدم، وليبحثوا حينئذ عن إله آخر يرضونه فيتقبلهم! فتعالى اللَّه عز وجل عما قد نسبته إليه اليهودية علوًا كبيرًا. وتعجّ الديانة اليهودية بغير ذلك مما يستحيل لعاقل ذي فطرة نقيّة ونفس زكيّة أن يقبله.

أما النصارى، فيعتقدون أن المسيح قُتل وصلب، وأنه بصلب المسيح  كُفِّرت خطايا البشر، لذا فعلينا أن نقدّس الصليب، ومن بعد ذلك نفعل ما نشاء، لأن المسيح مات من أجلنا وحمل عنّا أوزارنا، ونحيا حياة بلا قيود، ونفعل ما نشتهيه طالما أن المسيح قد تعذّب ليحمل عنّا آثامنا. وبحسب هذا المفهوم النصراني، فإن الكل سيدخلون الجنة، البَرُّ والفاجر، ولا يهم ماذا تفعل طالما أن المسيح قد حمل عنك خطاياك. فأين الرحمة وأين العدل لو صُلِبَ إنسان طاهر بريء تكفيرًا عن خطيئة إنسان آخر منغمس في المعاصي؟! وهل يحتاج اللَّه عزّ وجلّ إلى الصليب ليغفر خطايا البشر؟! وكيف يضحي الرّب بولده الوحيد ليكفِّر بذلك عن خطايا البشر؟! وهل الرّب عاجز عن مغفرة خطايا البشر من دون هذه المسرحية الهزيلة؟! إله عاجز عن حماية نفسه من أعدائه، وربٌّ لا يستطيع أن يغفر ذنوب البشر إلا بسفك الدماء والتضحية بابنه! مع الأسف، هذا ما يؤمن به المسيحيون وهو في إنجيلهم: "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة، لكي نموتَ عن الخطايا فنحيا للبر، الذي بجلدته شفيتم"؛ العهد الجديد، (بطرس الأولي، 24:2).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .