أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقـــــــــــــــة الثامنة والأربعون في موضــــــــــــــــــوع الديان

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع (الديّان) من اسماء الله الحسنى

وصفاته وهي بعنوان: *الإسلام دين وعلم وحضارة :

ونزل ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1] أول ما نزل؛ إشعارًا أن هذه الأمة لا تقوم قومتها ولا تنهض نهضتها إلا إذا كانتْ منوطة

بالعلم، متينة الصلة ووطيدة الآصرة به، شرط أن يكون منتهاها ومرماها منه تولِّي منصب الخلافة في الأرض، وربط عباد الله به.

﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، من هنا يعلم أن العبادة التي لأجلها خُلِق الإنسانُ لا تنحصر في التسبيح والتقديس والتحميد؛ بل تتجاوز هذا كله، وتشمل ميادين الحياة المختلفة، ومعاركها المضطرمة؛ فالإنسان المؤمن أساسٌ في عمارة الأرض، وهذه المسؤولية العظمی والأمانة الكبرى تدعو المسلمين ألا يعيشوا علی هامش الحياة، ينفعلون بما يكون من أحداثها دون أن تكون لهم قوة في إيجاد الأحداث، وتبعثهم علی التقدُّم إلی الأمام، والأخذ من المعارف والعلوم التي تؤهِّلهم للقيام بأعباء الدعوة إلی الله - تعالی - ولتسيير الأمور علی كافة المستويات، وخلافة الله في الأرض لا تتحقَّق إلا إذا كان الإنسان قد أسلم أمره إلى الله، بفضل القوَّة التي أنعم بها عليه في صورة العقل.

يقول الأستاذ محمد رشيد رضا في تفسيره الشهير للقرآن الكريم تفسير المنار عند شرح آية الخلافة: "فالإنسان بهذه القوة (العقل) غير محدود الاستعداد، ولا محدود الرغائب، ولا محدود العمل؛ فهو علی ضعف أفراده يتصرَّف بمجموعه في الكون تصرفًا لا حدَّ له - بإذن الله وتصريفه - وكما أعطاه الله هذه المواهبَ والأحكام الطبيعية ليظهرَ بها أسرار خليقته، وملَّكه الأرض وسخَّر له عوالمها، أعطاه أحكامًا وشرائع حدَّ فيها لأعماله وأخلاقه حدًّا يَحُول دون بَغْي أفرادِه وطوائفه بعضهم علی بعض، فهي تساعده علی بلوغ كماله؛ لأنها مرشد ومربٍّ للعقل الذي كان له كل تلك المزايا، فلهذا كله جعله خليفتَه في الأرض، وهو أخلق المخلوقات بهذه الخلافة"؛ (تفسير المنار: 1/217).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .