أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقـــــــــــــــة الأربعـــــــــون في موضــــــــــــــــــوع الديان

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الأربعون في موضوع (الديّان) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان: *الدين النصيحة :                                               أيها المسلمون: حاسِبوا أنفُسَكم قبل أن تُحَاسَبوا، وأيقِظوا القلوبَ من غفلتها، وكُفُّوا النفوسَ عن محرمات لذائذها، وبادِروا بالتوبة قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل، وتعذُّر العمل، فأنتم ترون سرعة انقضاء الأعوام، وتصرُّم الأيام، وما بعد الحياة إلا المماتُ، وما بعد الموت إلا دار النعيم أو دار العذاب الأليم.

وكما تعملون للدنيا الفانية فاعملوا للآخرة الباقية، قال تعالى: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)[الْأَعْلَى: 16-17].

أيها المسلمون: أقبِلوا على كتاب ربكم، ففيه عزكم وسعادتكم، وصلاح

أحوالكم وفيه فوزكم بعد موتكم، وبه عصمتكم ونجاتكم من الفتن التي تتكاثر كلما قربت القيامة، وتشتبه في أول ورودها، وتستبين في آخِر أمورها، فلا ينجو منها إلا من اعتصم بالقرآن والسُّنَّة، ولزوم الجماعة، فتتدبروا كتابَ الله -عز وجل-، واعملوا به، واحفظوا من سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يقوم به الدين، وتصح به العقيدةُ، وتكمل به العبادة، لاسيما الأحاديث الجامعة لأحكام الإسلام، المشتملة على الفضائل، واعرفوا معانيَها للتمسك بها والعمل، فهذا منهج السلف الصالح، الذين قال الله -تعالى- فيهم: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التَّوْبَةِ: 100]، وأُورد في هذا المقام حديثًا من جوامع الكلم، يجب العمل به على كل مسلم ومسلمة، في كل الأحوال، ويلزم التمسكُ به من الرجال والنساء، ما دامت الأرواح في الأجساد، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" (رواه مسلم، من حديث تميم الداري -رضي الله عنه-)، وقد رواه غير مسلم كثير من المحدثين، وهو حديث ذو شأن عظيم، قال الإمام أبو داود: "الفقه يدور على خمسة أحاديث، الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن، وحديث: لا ضررَ ولا ضرارَ، وحديث: إنما الأعمال بالنيات، وحديث: الدينُ النصيحةُ، وحديث: ما نهيتُكم عنه فاجتَنِبوه، وما أمرتُكم به فَأْتُوا به ما استطعتُم".

وقال الحافظ أبو نُعيم: "هذا حديثٌ له شأنٌ" ذكر مسلم بن أسلم

الطوسي أن حديث: "الدين النصيحة" أحد أرباع الدين.

ومن الأدلة على أن هذا الحديث واجب على كل مسلم ومسلمة في كل حال دائما، أن الله -تعالى- أسقط بعض العبادات عن بعض المكلَّفين للعذر ولبعض الأسباب، ولم يسقط النصح بأي عذر، وبأي حال، قال الله -تعالى-: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[التَّوْبَةِ: 91]

، فبيَّن اللهُ أنه لا يَعذر مسلمًا بالتخلي عن النصيحة طرفة عين.

ولم يسأل الصحابة عن معنى النصيحة؛ لعلمهم بما تدل عليه من معاني الدين الواسعة بالمطابقة والتضمُّن والالتزام،فهي تشمل مراتب الإسلام والإيمان والإحسان،وإنما سألوا:لمن تكون ومن هم المستحِقُّون لها،وأصل معنى النصح: تخليص الشيء من الشوائب، والأخلاط والدواخل والمكدرات، يقال: نصح العسل إذا خلصه ونقاه من الشمع.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .