أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــه الحلقة الرابعة والسبعون بعد المائـتين في موضوع القادر المــقتدر القـــدير

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الرابعة والسبعون بعدالمائتين في موضوع(القديرالقادرالمقتدر) من اسماء

الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : ومن مظاهر قدرة الله : عجز الإنسان وضعفه:

مع ثبوت قدرة القادر المقتدر جل جلاله، يثبت عجز الإنسان وضَعفه، فقدرة الإنسان عطاءٌ من الله سبحانه قادرٌ أن يسلبه منه متى شاء، وقدرة الإنسان محدودة تتناول بعض الجوانب دون بعض، وتكون في بعض الأوقات دون بعض، وقدرة الإنسان مصيرها إلى انهيار، وذلك بالحوادث والأمراض، وإلا فبالهرم وسوء الكِبر، وقدرة الإنسان لا تتم ولا تقوم إلا إذا استعان بمن حوله من أسباب وأعوان وخبراء، فمثلًا: يُكمل الإنسان ضعف بصره بالميكرسكوب، ويُكمل قِصَر بصره بالتليسكوب، ويكمل بُطء سيره بالمركبة أو القطار أو الطائرة، ويكمل ضعف يده (بالمِفك والبنسة)، لكنَّ قدرة الله تعالى تامة وافية كاملة، لا يحدها حد، ولا تحتاج إلى مقدمات أو أسباب أو أعوان أو خبراء؛ سبحانه القائل: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].

حق القادر جل جلاله:1- صدق التوكل عليه ودوام الالتجاء إليه:

من عرف القادر المقتدر جل جلاله، لا يتوكل إلا عليه ولا يعتصم بأحد سواه، ولا يمتنع إلا به، ولا يُفوِّض أموره إلا إليه؛ لأن مقاليد الأمور كلها بيده، فلا يعجزه شيء ولا يستعصي عليه شيء، ويلفت القرآن الكريم أنظارنا في أثناء قصة موسى عليه السلام مع فرعون - عليه اللعنة - أن مَن ركن إلى القادر المقتدر وتعلَّق به، فكل الخلائق أضعف وأقل من أن يُحدثوا به أذًى أو مكروهًا، فأمام إصرار فرعون وتبجُّحه وسخريته من موسى ودعوته وقوله: ﴿ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26] - كيف تصرَّف موسى في هذه اللحظة؟ ماذا قال؟ تعلق بالقادر المقتدر وركن إلى القوي المتين: ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 27].

وقد فصَّل لنا ربنا في كتابه القول ليعرِّفنا بقدرته؛ حتى يستقر هذا في قلوبنا، فتخضع له سبحانه القلوب وتتوجه إليه الوجوه، انظر إلى الحشد

الهائل الذي ساقه الله تعالى في كتابه مدللًا به على قدرته واقتداره

ووحدانيته: ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ** وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ** وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ﴾ [النجم: 42 - 55].

وقال الله تعالى: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا *

ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 - 32].

وتلك هي العقيدة الصحيحة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على غرسها في نفوس الصغار قبل الكبار.

عن ابن عباس قال: "كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال لي: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف)).

وإلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .