أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــة الثانية والخمسون في موضـــــــوع القادر المــقتدر القـــدير

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثانية والخمسون في موضوع(القديرالقادرالمقتدر) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان:أصول الإيمان(قدرته على الأشياءوخلقه وإيجاده لها )

ومعلوم أن بعض الناس مات على جهله ومات على غير توبة، وقال تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ }[النساء:28] الآية هذه إرادة شرعية، لأنه سبحانه قد خفف على قوم ولم يخفف على آخرين، فمعنى ذلك أنه أمر بهذا ورضي به وأحبه، ولكن من الناس من وفق لهذا الشيء ومنهم من لم يوفق له، ومن ذلك ما جاء في الحديث الصحيح: أن الله سبحانه يقول يوم القيامة لبعض المشركين: لو كان لك مثل الأرض ذهبًا أكنت مفتديًا به، فيقول: نعم، فيقول الله سبحانه له: قد أردت منك ما هو أدنى من ذلك وأنت في صلب أبيك آدم، أردت منك أن لا تشرك بي شيئًا، فأبيت إلا الشرك، يعني أردت منك شرعًا أن لا تشرك بي، وذلك بما جاء على ألسنة الرسل من الأمر بعبادته وحده والنهي عن الإشراك به، لكن أبى أكثر الخلق إلا الشرك بالله عز وجل، ولم يقبلوا الإرادة الشرعية، فمن آمن بهذه الأمور الأربعة، وهي: علم الله سبحانه بجميع الأشياء وكتابته لها ومشيئته لما وجد منها، وأنه سبحانه خالق الأشياء وموجدها-فقد آمن بالقدر إيمانًا كاملًا، ومن قصر في ذلك فقد قصر في الإيمان بالقدر ولم يسر على هدى أهل السنة والجماعة في ذلك، ولم يؤمن بالقدر على حقيقته، بل آمن ببعضه وكفر ببعض.

ثم هذا الإيمان بالقدر لا يلزم منه أن يكون العبد مجبورًا لا إرادة له ولا مشيئة، وإنما هو كالسعفة تحركها الرياح هكذا وهكذا، وكالريشة في الهواء خلافًا للقدرية المجبرة من الجهمية وغيرهم، بل له اختيار ومشيئة وله إرادة وعقل يميز به، ولكن هذه المشيئة وهذه الإرادة وهذا الاختيار لا يكون به شيء إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى، كما قال الله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ۝ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [التكوير:28-29].

فهو مخير ومسير، مخير من جانب؛ لأن الله أعطاه عقلًا، وأعطاه بصرًا، وأعطاه أدلة وأدوات، ومكنه من الإيمان والعمل، فهو قادر وله إرادة وله مشيئة، يقدر أن يتباعد عن المعصية، ويقدر أن يطيع وأن يعصي، ويقدر أن يتصدق، ويقدر أن يمتنع، وهو مسير من جهة أخرى، وهي أنه ليس له مشيئة إلا بعد مشيئة الله، ولا اختيار إلا بعد اختيار الله، ولا يستقل بالأشياء، فله إرادة خاصة ومشيئة خاصة بعد مشيئة الله وإرادته، ولهذا قال عز وجل: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [يونس:22] الآية.

 وإلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .