أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــة الثالثة والعشرون في موضـــــــوع القــــــــادر المــقتدر القـــدير

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثالثة والعشرون في موضوع (القديرالقادرالمقتدر) من اسماء اللهالحسنى  وصفاته وهي بعنوان : *الإيمان بالقضاء والقدر يورث التَّسليم لحكم الله :

وبعض الكفار لما خالطوا  بعض المسلمين، بل بعض البادية والأعراب

صار عندهم نوع من الدهشة لاستقرار هذا العقيدة في نفوس المسلمين، كما قال هذا الكاتب إنسيبود لي مؤلف كتاب رياح على الصحراء وكتاب الرَّسول، وألَّف أربعة عشر كتاباً آخر في مقالة بعنوان: عشت في جنَّة الله، قال: إنَّه في عام 1918م، وليت ظهر العالم الذي عرفته طيلة حياتي وهي مند شطرا أفريقيا الشِّمالية الغربية، عشت بين الأعراب في الصَّحراء قضيت سبعة أعوام أتقنت لغة البدو وارتديت زيَّهم وأكلت من طعامهم، واتخذت مظاهرهم في الحياة، وغدوت مثلهم أمتلك أغناماً، أنام كما ينامون في الخيام، وتعمقت في فهم الإسلام حتى أني ألَّفت كتاباً عن محمد ﷺ، وكانت تلك الأعوام السبعة التي قضيتها مع هؤلاء البدو الرُّحل المسلمين من أمتع سنين حياتي وأحفلها بالسلام والاطمئنان والرضا بالحياة، وقد تعلَّمت من عرب الصَّحراء كيف أتغلَّب على القلق فهم بوصفهم مسلمين يؤمنون بالقضاء والقدر -لاحظ العبارة هذه التي قالها الشَّخص هذا الذي كان كافر- يقول: فهم بوصفهم مسلمين الأعراب يؤمنون بالقضاء والقدر، وقد ساعدهم هذا على العيش بأمان، وأخذ الحياة مأخذاً ليناً سهلاً، لا يتعجلون أمراً ولا يلقون بأنفسهم في القلق، إنهم يؤمنون بأن ما قُدِّر يكون، وأنَّ الفرد منهم لن يصيبه إلا ما كتب الله له، وليس معنى هذا أنَّهم يتواكلون أو يقفون في وجه الكارثة مكتوفي الأيدي، ودعني أضرب لك مثلاً مما أعنيه: هبت ذات يوم عاصفة عاتية حملت رمال الصحراء، وعبرت بها البحر الأبيض المتوسط ورمت بها في وادي الرَّون في فرنسا، وكانت العاصفة حارة شديدة الحرارة حتى أحسست، كأن شعر رأسي يتزعزع من منابته لفرط وطأة الحر، وأحسست من فرط القيض كأنَّني مدفوع إلى الجنون، ولكن العرب بهذه العاصفة العاتية الغبار لم يشكو إطلاقاً فقد هزُّوا أكتافهم وقالوا كلمتهم المأثورة: قضاء مكتوب، لكنهم ما أن مرَّت العاصفة حتى اندفعوا إلى العمل بنشاط كبير فذبحوا صغار الخراف قبل أن يود القيض بحياتها، ثم ساقوا الماشية إلى الجنوب نحو الماء، فعلوا هذا كله في صمت وهدوء دون أن تبدوا منهم شكوى، فقال رئيس القبيلة وهو الشيخ: لم نفقد الشَّيء الكثير فقد كنا خليقين بأن نفقد كل شيء، ولكن حمداً لله وشكراً فإنَّ لدينا نحواً من أربعين في المائة من ماشيتنا وفي استطاعتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد، وقال هذا الكاتب أيضاً: وثمة حادثة أخرى فقد كنا نقطع الصَّحراء بالسَّيارة يوماً فانفجر أحد الإطارات وكان السَّائق قد نسي استحضار إطار احتياطي يتولاني الغضب وانتابني القلق والهم وسألت صحبي من الأعراب ماذا عسى أن نفعل، فذكروني بأن الاندفاع في الغضب لن يُجدي فتيلاً بل هو خليق أن يدفع الإنسان إلى الطَّيش والحُمق، ركبنا السَّيارة وتجري على ثلاث إطارات ليس إلا ثم كفت على السَّير بنفاذ البنزين فلم تثر ثائرة أحد منهم، ولا فارقهم هدوؤهم، بل مضوا يذرعون الطَّريق سيراً على أقدامهم، قال في نهاية تجربته: قد أقنعتني الأعوام السَّبعة التي قضيتها في الصَّحراء بين الأعراب الرُّحل أنَّ المُلتاثين ومرضى النَّفوس والسَّكيرين الذين تحفل بهم أمريكا وأوروبا ما هم إلا ضحايا المدنية التي تتخذ السَّرعة أساساً لها، إنني لم أُعاني شيئاً من القلق قط وأنا أعيش في الصَّحراء، بل هنالك في جنَّة الله وجدت السَّكينة والقناعة والرِّضا، ختم كلامه بقوله: وخلاصة القول إنني بعد انقضاء سبعة عشر عاماً على مغادرتي الصَّحراء ما زلت اتخذ مواقف العرب المسلمين الأعراب حيال قضاء الله، فأقابل الحوادث التي لا حيلة لي فيها بالهدوء والامتثال والسَّكينة، وأفلحت هذه الطِّباع التي اكتسبتها من أولئك البدوفي تهدئة أعصابي أكثرمما تُفلح آلاف المسكنات والعقاقير، فاليوم يصرف أطباء النَّفس المسكنات والعقاقير، ولو يوجد أطباء قلوب يصرفون أشياء تؤدي بهؤلاء إلى الإيمان بعقيدة القضاء والقدر إذاً اكتفينا العقاقير والمسكنات، وكان العلاج أجدى وأنفع وأحسن، وبدون آثار

جانبية مُضرَّة بل هي التي تضع الإنسان على الصِّراط المستقيم.

وإلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .