أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــة الحادية عشرة بعد المائة في موضــــــــــــوع الجبـــــــار
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الحادية عشرة بعد المائة في موضوع (الجبار) وهي بعنوان :
*الإكراه عجز وليس بعزة:
فالإكراه مقام عجز وضعف، وإن كان الكثيرون يظنون أنه مقام عزة فيتمنون أن يكونوا جبابرة، أما الله -سبحانه وتعالى- فإنه أعلى
سلطانًا وقهرًا من أن يحتاج إلى إكراه العباد، بل لو شاء لجعلهم أمة واحدة: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس:99)، فقد جعل الله -سبحانه وتعالى- مشيئة العباد خلقًا من خلقه، فلا يشاءون إلا أن يشاء الله: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ . وَمَا
تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير:28-29).
فهو عز وجل- مقلب القلوب يصرِّفها كيف يشاء، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ) (رواه مسلم).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعائه: (أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) (رواه مسلم)، وقال هود -عليه السلام-: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (هو:56)، أي أن أمرها كله ملك لله -عز وجل-، فيوجه الله المخلوق حيث شاء، فقد بيَّن الله لهم النجدين -الطريقين-، فحق القول على الذين ظلموا.
فما ظلم الله عباده مثقال ذرة، بل خلق الخلق بأسباب، وجعل من أسباب خلقه أفعال عباده، ومنشؤها مِن إرادتهم وقدرتهم المخلوقة، فقد جعل الله -سبحانه وتعالى- مشيئة للعباد تقع بها أفعالهم، كما أن الولد يُخلق مِن أبيه وأمه، والله خالقه، وخالق أبيه وأمه؛ إلا أن الله -عز وجل- جعل الوالدين سبب في وجود الولد، فلا يمكن لعاقل أن يدعي عدم الأثر وعدم أهمية وجود الوالدين، وكذلك لا يجوز لعاقل فضلاً عن مؤمن بالكتاب والسنة والشرع أن يقول: "لا ضرورة ولا فائدة لإرادة الإنسان أو لقدرته"!
*جبر بحساب.. وجبر بلا حساب:
فالله -عز وجل- جبر القلوب على ما أراد، فبفعلهم يفعلون بمشيئتهم واختيارهم، وأما الجبر الذي من غير مشيئة فهو جبرهم على الموت والحياة، والطول والقصر، والذكورة والأنوثة، وغير ذلك.. فهذا مما لا اختيار لهم فيه، فلا يحاسبهم الله -عز وجل- ولا يثيبهم أو يعاقبهم عليه، وإنما يحاسبهم الله -عز وجل- على أفعالهم التي صدرت باختيارهم وبإرادتهم، فهذا معنى جبر القلوب على ما أراد لها.
وبالتالي فجبر عباده ليس بمعنى قول "الجبرية" في نفي مشيئة العباد أو نفي قدرتهم، ومِن ثَمَّ نفي التكليف والشرع أمرًا ونهيًا، فهذا كله
باطل؛ إذ إن القرآن أثبت خلافه، بل إن كل عاقل يجد من نفسه خلاف ذلك، إذ أن هناك أشياء يفعلها العبد بإرادته وأشياء لا دخل لإرادته فيها، والثواب والمدح والذم تبع لأفعال العباد الاختيارية من حيث موافقتها أو مخالفتها لشرع الله -سبحانه وتعالى- الذي له مطلق الجبروت، وكلمة "جبروت" مصدر من الجبر، فجبر جبروت مثل: ملك ملكوت، والذي له الجبر أي: القهر.
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.