أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــة التاسعة والستون في موضــــــــــــوع الجبـــــــار

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

التاسعة والستون  في موضوع (الجبار) وهي بعنوان :

* خطبة جمعة عن اسم الله (الجبار )

إخواني: إن الخلق موصوفون بصفات النقص، مقهورون مجبورون، تؤذيهم البقة، وتأكلهم الدودة، وتشوشهم الذبابة، الواحد منهم أسير جَوْعَة، وصريع شِبْعَة، ومن تكون هذه صفته كيف يليق به التكبر والتجبر؟!.

الحمد لله الملك الجبار العزيز الغفار، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المختار، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الأخيار، ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.

أيها المؤمنون: اتقوا ربكم حق تقاته، وأحسنوا الظن به، واعلموا أنه إذا لجأ

العبد منكسرًا إلى الجبّار -سبحانه-، فإنه سيجبره،

وسيعيش أحلى لحظات العبودية، وسيجد منتهى القرب والرحمة من الله -سبحانه- عاجلاً أو آجلاً. إذ الجبار هو الذي يُجبرك كلما لجأت إليه.

أيها الأخ الكريم: كن جابرًا لمن حولك من الفقراء، وتصدق عليهم، واجبر المتخاصمين، وأصلح بينهم، واجبر المظلوم، وارفع الظلم عنه.

وأكثر من أوصى الله بجبر خواطرهم من الناس هم الوالدان، فإياك أن تكسِر خاطر أبيك أو أمك، أو تُدمِع أعينهم أو تكسِر قلوبهم، ولذلك ورد النفي بمعنى التحذير مرتين في القرآن من التجبر على الوالدين، مرة عن يحيى -عليه السلام-: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم:14]، ومرة على لسان عيسى -عليه السلام-: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ [مريم: 32]، إياك أن تشعر بالعار من أبيك أو أمك أو تَكسِر خاطرهما.

ثم لا تكن متجبرًا على خلق الله، فتعرّض نفسك لسخط الله في الدنيا، وعذابه في الآخرة، وقد توعد الله كل متكبر جبار بالعذاب الأليم يوم القيامة، كما قال -سبحانه-: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ(17)﴾ [إبراهيم: 15- 17].

أيها المسلمون: لقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- كل من تجبر من العباد وتكبر من العذاب الشديد، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الخَبَالِ” (الترمذي (2492)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 8040) ، فالجبارون والمتكبرون يُحشرون يوم القيامة أمثال الذرّ يطؤهم العباد تحت أقدامهم.

وعن أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ” (أخرجه أبو داود (4090)، وصححه الألباني). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: “يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَأُذُنَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنِ ادَّعَى مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبالْمُصَوِّرِينَ” (صحيح الترغيب والترهيب 3061). وحذّر المتجبرين والمتكبرين من مصير مخيف، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ. وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لي لا يَدْخُلُنِي إِلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ..” (البخاري 4850, ومسلم 2846).

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.