أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــة السادسة والستون في موضــــــــــــوع الجبـــــــار

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

السادسة والستون  في موضوع (الجبار) وهي بعنوان :

* خطبة جمعة عن اسم الله (الجبار )

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “تَكُونُ الأرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَكْفَأ أحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلاً لأهْلِ الْجَنَّةِ” (البخاري (6039, ومسلم 5000). وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر وهو يقول: “يَأْخُذُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ” (مسلم 2788). وهذا كله ثناء عاطر ووصف باهر لرب العالمين المستحق وحده للكبرياء والعظمة والجبروت.

عباد الله: والجبار لغة هو المصلح للأمور، يجبر الكسير ويصلحه، ويجبر الفقير ويغنيه، ويجبر المريض ويشفيه، ويجبر الخاسر ويعوّضه، ويهلك الظالمين والطغاة.

والجبار -سبحانه- هو يجبر الضعيف والفقير بالقوة والغنى، ويجبر الكسيرَ بالسلامة، ويجبر المظلومَ بالنصر، ويجبر الخيبةَ والفشلَ بالتوفيقِ والأملِ، والخوفَ بالسلامة والأمن، ويجبر المنكسرة قلوبهم بتعويضها، وإحلال الفرح والطمأنينة فيها، وما يحصل لهم من الثواب والعاقبة الحميدة إذا صبروا على ذلك من أجله.

كما أنه جبّار يصلح أمور عباده، يرأب الصدع، ويلم الشمل، ويغني الفقير، ويجبر الكسير، ويعطي المحروم، ويرفع الذليل، وهو كما يقال: يجبر الخواطر، ولقد دعانا أن نتوجه إليه ليجبرنا؛ وما أروع ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ينزل الله في كل ليلة إلى سماء الدنيا، فيقول: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ“. (صحيح الجامع 8166). وهذا كله من لطف الله وكرمه وجبره لخلقه ورحمته بهم.

والجبار -سبحانه- هو الذي يقهر الجبابرة ويغلبهم بجبروته وعظمته، وهو الذي

 قهر خلقه على ما أراد من أمر ونهي، قال -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾ [ق: 45] أي: لست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى، ولم تُكَلَّف بذلك، فهو -سبحانه- جبار تنفُذ مشيئته في خلقه، لا غالب لأمره، وهو ﴿يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: 41]، وفي بعض الكتب “عبدي أنا أريد، وأنت تريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد“. ومن ذلك ما جاء في القرآن العظيم أن الجبار هو من لا تستطيع أن تغلبه، قال -تعالى-: ﴿إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ﴾

[المائدة: 22]، أي أقوياء لا يُهزمون، ومنها يقولون: أجبره أي أكرهه على ما أراد.

والجبار -سبحانه- هو الذي لا يُنَال جانبه، وهو المنيع العزيز الذي لا يُدرَك إحاطةً من قِبَل خلقه، قال -تعالى-: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: 103]، فكل جبار وإن عظُمت قوته فهو تحت قهر الله -عز وجل- وجبروته، وفي يده وقبضته؛ إذ الجبار -سبحانه- عالٍ على خلقه، وهو مع علوه عليهم قريبٌ منهم يسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويعلم ما توسوس به نفوسهم.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.