أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــة السابعة والعشرون في موضــــــــــــوع الجبـــــــار

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

السابعة والعشرون في موضوع (الجبار) وهي بعنوان :

*مراعاة الخواطر كان مِن أولوياته (ﷺ)                   

ومَن تأمل وتدبر بعض مواقف رسول الله (ﷺ) في حياته، يرى أن مراعاة الخواطر كان مِن أولوياته (ﷺ) مع الصحابة، فإذا تأملنا حال أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها، نرى أنها أسلمتْ قديمًا، وكانت متزوجة مِن ابن عمها: السكران بن عمرو، وأسلم هو أيضًا، ثم هاجرا إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فلما قدما مكة مات زوجها، وقيل: مات بالحبشة، وهنا تزوجها (ﷺ) وتعدُّ السيدة سودة أوَّل امرأة تزوجها الرسول  (ﷺ) بعد خديجة، وكانت قد بلغت مِن العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين، بينما كان رسول الله (ﷺ) في الخمسين مِن عمره، ولما سمع الناس في مكة بأمر هذا الزواج عجبوا؛ لأن السيدة سودة لم تكن بذات جمالٍ ولا حسبٍ، ولا مطمع فيها للرجال، وقد أيقنوا أنه إنما تزوجها رفقًا بحالها، وشفقة عليها، وحفظًا لإسلامها، وجبرًا لخاطرها بعد وفاة زوجها.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يُقال لَهُ: زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ كَانَ يُهدِي إِلَى النَّبِيِّ (ﷺ) الْهَدِيَّةَ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ):(إِنَّ زاهِرًا بَادِيَنا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ) قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ (ﷺ) وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ -وَالرَّجُلُ لَا يُبصره-؛ فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَن هَذَا؟! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ (ﷺ) جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) (مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟)، فَقَالَ زَاهِرٌ: تجدُني يَا رَسُولَ اللَّهِ كاسِدًا، قَالَ: (لَكِنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ)، وفي لفظ: (بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ) (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني).

فتأمل كيف تعامل رسول الله مع زاهر، وكان رجلًا دميمًا؟!

لذا قال: "تجدُني يَا رَسُولَ اللَّهِ كاسِدًا"، ولكن جبر رسول الله (ﷺ)خاطره، وأخبره أنه عند الله له قدر ومنزلة.

وعن جابر رضي الله عنه- قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ لِي:{يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: (أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ} قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: (مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا، فَقَالَ يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً، قَالَ الرَّبُّ -عَزَّ وَجَلَّ-: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ)، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا(169)}[آل عمران]. [رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني].

فانظر كيف جبر الرسول خاطره، وأزاح عنه الهم بهذه الكلمات؟!

وأيضا موقف آخر مع سيدنا جابر رضي الله عنه ، أنه كان ليهودي دَيْن عند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، فجاءه يطلب وفاء الدَّيْن ، فقال له جابر : انظر إلى الشّجر ما فيه إلّا الحشف

(الثمر الرّديء) ، فقال اليهودي : والله لأشكيك إلى رسول الله (ﷺ) ، فجاء إلى الرسول (ﷺ)  وشكا له ذلك ، فقال له الرسول (ﷺ): ارجع إلى بيتك وسترى خيراً إن شاء الله ، ثم ذهب الرسول (ﷺ) إلى حائط جابر ودار حوله وسأل جابر قائلاً: أين عريشك يا جابر ؟ ( أي الخُصّ الذي يجلس فيه ) ، فقال جابر : هذا هو يا رسول الله، فدخل الرسول إليه وصلّى فيه ثم سلّم وقام ، ثم قال : يا جابر ، قال : لبّيك يا رسول الله ، قال : جُزَّ واجمع ( أي اجمع التّمر ) .فقال جابر : فجمعتُ رُطَباً وتمراً ما جمعته من قبل ، ووفّيتُ دَيْني لليهوديّ ، وحملتُ إلى بيتي منه ما لا يعلمه إلّا الله ، فقال رسول الله (ﷺ): ( أشهدُ أنّي رسولُ الله ) .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.