أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة التاسعة والتسعون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:*اسم الله (السيد):

وهكذا ما جاء في الحديث لما قالوا له ﷺ: أنت سيدنا، قال: (السيد الله)، يقول الأزهري: "كره النبي ﷺ أن يُمدح في وجهه"، يعني أن الأزهري يقول: إن ذلك لا لأن هذا يحرم، لكن لتواضعه -عليه الصلاة والسلام-، ولكراهيته للمدح، "وأحبَّ التواضع لله -تبارك وتعالى-، وجعل السيادة للذي ساد الخلق أجمعين، وليس هذا بمخالف لقوله ﷺ لسعد بن معاذ حين قال لقومه الأنصار: (قوموا إلى سيدكم)، أراد أنه أفضلكم، وأكرمكم"، وأما صفة الله -تبارك وتعالى- حينما نصفه بالسيد فمعناه أنه مالك الخلق، والخلق كلهم عبيده، وبهذا الاعتبار لا يصح أن يقال ذلك للمخلوق إذا قصد به هذا المعنى، ولكن

 هل يقال ويراد به هذا؟

الجواب: لا، بالنسبة للمخلوقين، والنبي ﷺ يقول: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، أراد أنه أول شفيع، وأول من تفتح له أبواب الجنة، فقال ذلك على سبيل الإخبار، ولهذا قال: (ولا فخر)، فله ﷺ من المنزلة والمكانة والسؤدد ما لا يخفى، وقالوا في قوله ﷺ لما قال: "قولوا بقولكم" للذين قالوا: أنت سيدنا، قالوا: إنه أراد ادعوني نبيًّا ورسولاً، كما سماني الله، ولا تسموني سيداً كما تسمون رؤساءكم، فإني لست كأحدهم ممن يسودكم في أسباب الدنيا، ونحن نعلم أن النبوة منحة إلهية خلافاً لبعض الفلاسفة كابن سينا الذي قال: إنها مكتسبة بتحصيل الكمالات، وهذا القول كفر، فالنبوة ليست مكتسبة، وإنما هي منحة وموهبة يهبها الله ويصطفي من شاء، لكن هؤلاء الذين يصطفيهم هم خيار خيار قومهم.

والخطابي -رحمه الله- يعلل ذلك بأن هؤلاء الذين نهاهم كانوا حدثاء عهد بالإسلام، وإلا فالنبي ﷺ قال

للأنصار -أعني الأوس منهم-: (قوموا إلى سيدكم)، فلما كان أولئك الذين جاءوا إليه وقالوا: أنت سيدنا حدثاء عهد بالإسلام، نهاهم عن ذلك؛ لئلا يتجارى بهم الشيطان فيقعون في شيء من الغلو.

يقول الخطابي: "وكانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كهي بأسباب الدنيا، باعتبار أنهم كانوا يعظمون رؤساءهم، ويسمونهم السادات، فعلمهم الثناء عليه، وأرشدهم إلى الأدب في ذلك، فقال: (قولوا بقولكم)"

وابن القيم -رحمه الله- لما ذكر الخلاف في إطلاق

 السيد يقول: "منعه قوم كمالك -رحمه الله-، -الإمام مالك رأى أن ذلك لا يجوز أن يقال للمخلوقين-، واحتجوا بقول النبي ﷺ لما قيل له: يا سيدنا، أو أنت سيدنا، قال: (إنما السيد الله)، وجوزه آخرون؛ لقوله ﷺ: (قوموا إلى سيدكم)، وهذا أصح من الحديث الأول"، ابن القيم -رحمه الله- يذكر علة لهؤلاء يقول: "احتج المانعون بهذا، قالوا: إنه إذا قيل: فلان سيد كذا فهو أحد ما يضاف إليه، سيد كندة واحد من كندة، سيد تميم هو واحد من تميم، فإذا قيل: إن الله -تبارك وتعالى- هو السيد قالوا: فالله ليس من خلقه، ليس مما يضاف إليه، طبعًا هذا الكلام غلط، قالوا: وإنما ذلك يقال للمخلوق، يقول: فالسيد إذا أطلق عليه تعالى فهو بمعنى المالك، والمولى، والرب لا بالمعنى الذي يطلق على المخلوق، والله تعالى أعلم" ويمكن تلخيص كلام ابن القيم بأن هؤلاء الذين أجازوا إطلاقه على المخلوق قالوا: إن ذلك لا يليق بالله، ولا يصح نسبته إليه، لماذا؟ قالوا: لأن السيد إذا أضيف فهو واحد من هؤلاء الذين أضيف إليهم، تقول: سيد كندة هو واحد من كندة، سيد تميم هو واحد من تميم، والله لا يصح أن يكون من خلقه، قالوا: إذن لا يقال لله، عكس من منعه في المخلوق، هؤلاء قالوا: لا يجوز أن يقال لله.

والأقرب -والله -تبارك وتعالى- أعلم- أنه لا مانع من أن يقال ذلك للمخلوق باعتبار أنه الرئيس صاحب السؤدد، وما شابه ذلك، ولا يقال: إن هذا يحرم، والنبي ﷺ يقول: (إذا نصح العبد سيده، وأحسن

عبادة ربه، كان له أجره مرتين)

وهكذا في الحديث الآخر: (لا يقول أحدهم: أطعِمْ ربك، وضِّئ ربك، وليقل: سيدي ومولاي) وهكذا قول عمر: "أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا"، يعني: بلالاً .

والحافظ ابن حجر -رحمه الله- لما ذكر حديث: (السيد الله)، قال: "ويمكن الجمع بأن يحمل النهي على غير المالك، والإذن بإطلاقه على المالك، وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا، ويكره أن يخاطب أحداً بلفظه أو كتابته بالسيد، ويتأكد هذا إذا كان المخاطب غير تقي باعتبار الحديث: (لا تقولواللمنافق سيدًا)" ، هذا الكلام على موضوع إطلاق السيد على غير الله

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.