أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة التسعــــــــــون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

 فمن مثَّل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذَّب قول الله تعالى: {ليس كمثله شيء}، وقد عصى الله تعالى في قوله: {فلا تضربوا لله الأمثال}. وأما من كيفهما وقال: هما على كيفية معينة أيّاً كانت هذه الكيفية فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفا ما ليس له به علم.

ونضرب مثالاً ثانياً في الصفات: وهو استواء الله على عرشه فإن الله تعالى أثبت لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كلها بلفظ {استوى} وبلفظ {على العرش}، وإذا رجعنا إلى الاستواء في اللغة العربية وجدناه إذا عُدي بعلى لا يقتضي إلا الارتفاع والعلو، فيكون معنى قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وأمثالها من الآيات: أنه علا على عرشه علوّاً خاصاً غير العلو العام على جميع الأكوان وهذا العلو ثابت لله تعالى على وجه الحقيقة فهو عالٍ على عرشه علوّاً يليق به عزَّ وجلَّ لا يشبه علو الإنسان على السرير، ولا علوه على الأنعام، ولا علوه على الفلك الذي ذكره الله في قوله: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون}. فاستواء المخلوق على شيء لا يمكن أن يماثله استواء الله على عرشه، لأن الله ليس كمثله شيء. وقد أخطأ خطأ عظيماً من قال: إن معنى استوى على العرش استولى على العرش، لأن هذا تحريف للكلم عن مواضعه، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم و التابعون لهم بإحسان، ومستلزم للوازم باطلة لا يمكن لمؤمن أن يتفوه بها بالنسبة لله عز وجل. والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك كما قال الله سبحانه وتعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون}، ومقتضى صيغة"استوى على كذا"في اللغة العربية العلو والاستقرار، بل هو معناها المطابق للفظ. فمعنى استوى على العرش أي: علا عليه علوّاً خاصاً يليق بجلاله وعظمته، فإذا فسر الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه حيث نفي المعنى الذي تدل عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً. ثم إن السلف والتابعين لهم بإحسان مجمعون على هذا المعنى إذ لم يأت عنهم حرف واحد في تفسيره بخلاف ذلك، وإذا جاء اللفظ في القرآن والسنة ولم يرد عن السلف تفسيره بما يخالف ظاهره فالأصل أنهم أبقوه على ظاهره واعتقدوا ما يدل عليه. فإن قال قائل: هل ورد لفظٌ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ"علا"؟ قلنا: نعم ورد ذلك عن السلف، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحاً فإن الأصل فيما دل عليه اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية أنه باق على ما تقتضيه اللغة العربية من المعنى فيكون إثبات السلف له على هذا المعنى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.