أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الثالثة والسبعـون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: *الإفراد والجمع في الدعاء :

مسائل في الدعاء القرآني  :الأدعية في القرآن تأتي تارة بصيغة الجمع (ربنا) وتارة بصيغة المفرد(رب) فهل يغير الداعي الصيغة أم يدعو بها كما هي؟!

لا يخلو الداعي من حالين:

الأولى: أن يدعو بمفرده، وحينئذ لا يغير صيغة الجمع الواردة في الدعاء القرآني إلى المفرد، ويكون في الإتيان

بضمير الجمع تعظيم لله تعالى؛ وذلك لأن جملة من دعوات الأنبياء عليهم السلام كانت بصيغة الجمع كدعوات الخليل عليه السلام في أواخر سورة إبراهيم.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذا كما يقول العبد للملك المعظم شأنه نحن عبيدك ومماليكك وتحت طاعتك ولا نخالف أمرك فيكون هذا أحسن وأعظم موقعا عند الملك من أن يقول أنا عبدك ومملوكك .[بدائع الفوائد: 2/39].

الثانية: أن يدعو بجماعة يؤمنون على دعائه في صلاة أو غيرها، فيغير الصيغة من المفرد إلى الجمع؛ لأنه يدعو وليس يقرأ القرآن. نحو دعائه بـ ﴿ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114] يجعلها (ربنا زدنا علما) ونحو دعاء الخليل عليه السلام ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴾ [الشعراء: 83 - 85] يجعلها (ربنا هب لنا حكما وألحقنا بالصالحين، واجعل لنا ألسن صدق في الآخرين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم) وهكذا..لأنه إن دعا بصيغة المفرد الواردة في القرآن اختص هو بهذا الدعاء دون من يُؤمِّنون على دعائه، وهذا فيه حرمان لهم، ولا يحل له أن يستأثر بالدعاء دونهم.

وفي النهي عنه حديث ضعيف عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

:«لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» [رواه الترمذي وحسنه: 357].

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: وإذا كان المأموم

 مُؤمِّنا على دعاء الإمام فيدعو بصيغة الجمع كما في دعاء الفاتحة في قوله: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6] فإن المأموم إنما أمَّن لاعتقاده أن الإمام يدعو لهما جميعا، فإن لم يفعل فقد خان الإمام المأموم. [الفتاوى: 23/118].

وفي فتاوى اللجنة الدائمة (5/308): إن كان الإمام

يدعو لنفسه ولغيره جهرة حال القنوت والدعاء في خطب الجمعة وغيرها فلا يخص نفسه بالدعاء دونهم، بل يأتي بصيغة الجمع.اهـ.

فقولهم (جهرة) خرج منه الدعاء الذي يخص الإمام به نفسه في السجود وبعد التشهد ونحوه؛ لأن الإمام لا يجهر به، فله أن يفرده ولا يجمعه، ولو جمعه وقصدهم أو قصد غيرهم فلا بأس؛ لأنه يجوز له أن يدعو

لنفسه ولغيره داخل الصلاة وخارجها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: والمراد بالدعاء الدعاء الذي يؤمن عليه المأموم، فإن الإمام لا يخص به نفسه، أما الدعاء الذي لا يؤمن عليه المأموم فله أن يخص نفسه به. [فتاوى ورسائل العثيمين: 13/140].

ويجوز للداعي أن ينتقل من صيغة المفرد إلى الجمع،

 ومن الجمع للمفرد في دعاء واحد، وحجة ذلك دعاء الخليل عليه السلام ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ إبراهيم: 41

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.