أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الواحدة والخمســون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*تأملات وإيمانيات في رحاب الكتاب والسنة :

لفظ الربّ مشتقٌ من التربية ، فالله سبحانه وتعالى

مربٍّ ومدبِّر لخلقه .

والمربي له صفتان أساسيَّتان :

أنَّه مُمِدّ ، وأنَّه يرعى الذي يمدِّنا بما نحتاج هو ربُّنا ،والذي يهدينا إلى صراطه المستقيم هو ربُّنا .

كمثال الأب يوفِّر لأولاده حاجاتهم الماديَّة ، طعام ، شراب ، كِساء ، حاجات ثم يربِّيهم بمعنىً آخر يرعى

أخلاقهم ، يرعى دينهم ، يرعى تعليمهم ، يرعى

مستقبلهم ، ففي معنى الربوبيَّة المشتقَّة من التربية

معنىً ماديّ ومعنىً روحيّ .

والرب من معانيه أنَّه خالقٌ ورازقٌ ، وكلُّ ربٍ سواه غير خالقٍ وغير رازقٍ .

الأب يربِّي أولاده لكن لم يخلقهم ولم يرزقهم ، فإذا قلنا فلان مُرَبٍّ ، والأب مُرَبٍّ  ، والمعلِّم مُرَبٍّ  أي يقدِّم توجيهات ، يتابع ، يحاسب ، يكافيء ، يعاقب أما إذا قلنا: الله ربُّ العالمين أي خلقنا وأمدَّنا ووجَّهنا

لذلك أنت في نعمٍ ثلاث .. نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، أوجدك ولم تكن شيئاً مِن قبل ، وأمدَّك بما  تحتاج ، ثم هداك إليه .

فهو الذي خلقك ورزقك ودلَّك عليه .. قال الله تعالى  حكاية عن سيدنا إبراهيم :

(الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي

وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢) الشعراء

وكلمة (رب ) ذات خصائص جمة أولاً من خصائص التربية العلم والرحمة ، ومن خصائص التربية القدرة ، يعلم ، وهو على كل شيء قدير ، وهو رحيمٌ بنا، أما معنى قول الله عزَّ وجلَّ في سورة الفاتحة ” الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ” أيْ أنَّه خالق الأكوان وجميع العوالم التي خلقها ، فالعلاقة بين خالق الأكوان وبين جميع العوالم التي خلقها – الأكوان – علاقة تربية أي خلق وإمداد (فهو الخالق وهو الرازق ) وإكرام وعناية  .

هل هناك عالم غير مرئي لنا ؟نعم فهذا الكون الفسيح بمجراته وأفلاكه لم يخلقه الله عبثا ولا سدى

يقول الدكتور حسني حمدان (وكوننا الذي نراه عظيماً في اتساعه واتساقه يمثل دائرة نصف قطرها 30 ألف مليون سنة ضوئية ( بمعنى أننا لو بدأنا السفر من أقصى نقطة في الكون بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية وهى السرعة الكونية العظمى، فسنحتاج إلى 30 مليار سنة لنصل إلى أقصى نقطة في الطرف الآخر من الكون).

وعلماء الكون يتساءلون بشدة هل يوجد عالم غير عالمنا المرئي، وما هي أبعاد الأكوان إن وجدت، إننا لا نراها ولكن ربما تكون موجودة، حقا إننا لا نرى كل موجود، ولا نبصر كل كائن، ورب العالمين يقول:

” فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ”  الحاقة: 38-40 وقال تعالي :وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا

مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (٢٩)الشورى

وقال  (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) النحل

فهاتين الآيتين تدلان على أن هناك خلقا لا نراهم ولا نعلم عنهم شيئا غير الجن والإنس والملائكة والدليل على ذلك أن لفظة دابة ليس المراد بها الملائكة لأنها جاءت معطوفة عليها كما في الآية الثانية والعطف يفيد التغاير فمثلا نقول جاء محمد وأحمد فنحن نخبر عن شخصين متغايرين بخلاف لوقلت جاء محمد أحمد فأنت

تخبر عن شخص واحد فالدواب التي تسجد في السموات لا شك أنها غير الملائكة ونريد أن نصل بهذا إلى أن الله رب العالمين رب كل شئ نراه أو نؤمن به أو خفي عنا علمه وحقيقته وندرك مدى عظمة الله رب العالمين .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.