أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة التاسعة والثلاثون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان:

مقام الدعاء في قلب العبد يتماشى معه صفة الربوبية، فعندما تقول: "يا رب".. استشعر هذا.. لذا.. من آداب الدعاء كذلك: أن ترفع يديك، وتُنكِّس رأسك، وتقف بين يدي الله عز وجل مستشعرًا مقام العبودية له جل في علاه، وتبدأ في مناجاته والخطاب إليه، وتشعر أن ما طلبته لن يكون إلا منه... فكل ذلك في ثنايا الربوبية وهي تتماشى مع مقام الدعاء بخلاف الألوهية. الألوهية تقتضي أن يكون هناك علوٌ فتوظف في بعض الأدعية كسيد الاستغفار "لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت". ثالثًا: حظ المؤمن من هذا الاسم. 1- أن تعلم أن الله تعالى له علو الشأن والقهر والفوقية وأوصاف العظمة والكبرياء، وأنه لا ينازع في ذلك؛ فتقتضى منك ذلًا وانكسارًا وافتقارًا. أن يكتسي العبد ثوب العبودية، ويخلع عن نفسه رداء الربوبية. 2- أن تستشعر طوال الوقت أنك عبد له

. ففي قصة توبة بِشر الحافي أن أحد الصالحين مرّ على بيته فسمع منه أثر من اللهو والموسيقى، فأطرق على بابه ففتحت له الجارية؛ فقال: هذا بيت عبد؟ أهذا بيت عبد؟! ثم تركها وولّى.

فنادى بِشر على الجارية وسالها: "ماذا هنالك؟ قالت: جاء رجل، فقال: أهذا بيت عبد؟". فوقعت في قلبه بموقعٍ حَسن وطار لها لُبّه وخرج في إثر

الرجل حافيًا وفتح الله عليه باب التوبة.

فلما جرى خلفه، وتمرّغ في التراب، وناجى الله عز وجل وفتح الله عليه باب التوبة بعد ذلك؛ فكان يمشي بعدها كثيرًا حافيًا وعُلِم منه ذلك، فقيل له: ألا تتخذ النعال؟ قال: "كان أول الأمر هكذا حافًيا".

الشاهد: أن الرجل قال كلمة واحدة "أهذا بيت عبد؟"؛ ما يفعل ذلك عبد، هذا ليس عبدًا، لو كان عبدًا ما كان منه هذا العصيان وهو يعلم أن الله مُطَّلِعٌ عليه.

3- من ذلك أيضًا أن يتقيه لا سيما فيمن ولّاه عليهم.

4- ألا يصف نفسه بأنه رب كذا؛ تواضعًا لربه وتوحيدًا له، من باب التأدب، فثبت في ذلك حديث عند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقولن أحدُكم: عبدي وأمتي، ولا يقولن المملوكُ: ربِّي وربَّتي، وليقل: المالك فتاي وفتاتي، وليقلِ: المملوكُ سيدي وسيدتي؛ فإنكم المملوكون والربُّ اللهُ عز وجل» (صحّحه الألباني في صحيح أبي داود: [4975]).

 5- الرضا.. أن يكون هو ربك وأنت راضٍ بقدره وقضائه، وإذا رضيت عنه فاعلم أنه قد رضي عنك؛ فعلامة رضاه عنك رضاك عنه.

 6- أن يسعى في إصلاح نفسه وتهذيبها وفق قواعد أهل العلم من التخلية والتحلية؛ فكما قلنا من معاني الرب الإصلاح والتهذيب، فلا بد أن يضع يده كل فترة على آفاتٍ يسعى في إصلاح نفسه فيها؛ ويدونها ويشرع في تهذيب نفسه بها. التخلية: بأن يتخلى عن

آفات نفسه، وذلك وفق أسس معينة:

 أ- أول مقام هو الاستعانة بالله سبحانه وتعالى على هذا، ويعلم أنه لن يُهذّب إلا إذا شاء الله عز وجل له ذلك، لا بحوله ولا قوته {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ‌ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُ‌وا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد من الآية:11]؛ إذن عليهم فقط أن يشرعوا في التغيير والله عز وجل يُقرِّبهم إليه. ب- ثم بعد ذلك يأتي مقام الصدق وقاعدة الأساس: الصدق والإخلاص في طلب التغيير، وإلا فلن يتغير. قالوا: إن من علامات الصدق التبشير من الله قبل العمل، واستدلوا بحديث أنس بن النضر رضي الله عنه لمّا قال: "ليَرَيَنَّ اللهُ ما أصنعُ"، فبشّره الله فشمّ ريح الجنة.. "الجنةُ وربِّ النضرِ، إني أجدُ ريحها من دونِ أُحُدٍ" (صحيح البخاري: [2805]). فإذا صدقت -مثلًا- في طلب العلم؛ تجد الأمور فُتِحت وتيسّرت، إذا أردت أن تُغير نفسك وتسعى في تهذيبها وصدّقت؛ اعلم أنك ستُرشَد، هذا حال الصادق. أما الكاذب أو المرائي تجده متخبطًا متعثرًا (إنما يتعثّر من لم يُخلِص).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.