أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الثامنة والثلاثون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: حقيقة (الربوبية) في القرآن الكريم

قال الجوهري: "الرباني هو المتأله العارف بالله تعالى". المتأله أي العبد: 1- الذليل. 2- الخاضع. 3- المحب. لأن الألوهية معناها العبادة، والعبادة على ثلاث معانٍ: حب تام، وذل تام، على سبيل الإجلال والتعظيم. 4- عارف بالله؛ لأنه لن يصل لهؤلاء الثلاثة إلا على سبيل المعرفة. فمن عرف الله أحبه، ومن عرف الله ذل بين يديه، ومن عرف الله وأعطاه قدره عظمه وأجله وهابه. إذًا للعبد الرّباني أربع صفات: ذليلً، خاضعٌ، محبٌ، عارفٌ بالله تعالى. تربية النفوس: يقال: "عالِم رباني" و"رجلٌ مربٍّ"؛ معناه أنه يقوم بتهذيب النفوس وتربيتها وإصلاحها. وتقول: "رجل رباني"؛ بمعنى أنه راسخٌ في العلم. والمربي ينبغي أن يكون ابتداءً رباني حتى يكون مربٍ على الجادة؛ فلا بد أن يكون راسخًا في هذا العلم. وعلم تهذيب النفوس ما أصعبه، النفس تتشكل في اليوم الواحد أكثر من مئة مرة كان الجنيد يقول: "الصادق يتقلّب في اليوم أربعين مرة، والمرائي تجده على حالةٍ واحدة أربعين سنة". يُعلِّق ابن القيم رحمه الله على هذا الكلام قائلًا: "وأبو القاسم -يعني الجنيد- رجلٌ راسخٌ في فهم الصدق. فلكي يكون المرء صادقًا يتقلّب أربعين مرة في اليوم، تأتي عليه الواردات من هنا ومن هنا...". دور المربي أنه يُبيِّن لهذا الشخص الذي يربيه كيف نزوع النفس وتقلباتها، وكيف يستطيع أن يتعامل مع هذه الشبهات وهذه الواردات عليه، ولا بد لهذا أن يكون له طول باع في معاملته لنفسه؛ لأنها تتلوّن.. تتقلّب.. فتوصل له هذه الرسالة: لا تمكث على حالةٍ واحدة، وإذا مكثت على حالةٍ واحدة ستُبتلى بالرياء والعجب؛ فلا بد أن تتقلّب من ذكرٍ لقراءة قرآن لصلوات لصدقات، فإذا أعجبت نفسك بشيءٍ توجه لبابٍ آخر كي لا تفتح على نفسك باب إعجاب بالعمل. هذه هي رسالة التربية: أن تصل به إلى معنى الصدق والإخلاص وهما الركنان اللّذان يقوم عليهما هذا البناء. ثالثًا: الدعاء باسم الله (الرب). ورود الدعاء باسم الله الرب مُقيَّدًا ورد في نصوصٍ كثيرة من ذلك؛ قول الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:127]، وقوله: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286]. وقوله: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} [الإسراء:80]. مدخل الصدق ومخرج الصدق: أن يكون دخوله صادقًا وأن يكون خروجه صادقًا؛ دخوله في الشيء يحتاج قبلها إلى أن يكون عنده الإرادة والهمة والعزيمة صادقًا، في كل ذلك هو متصل بالله فالباعث بالله.. بحول الله وقوته، وكذلك المقصد لله وحال القيام بالفعل مع الله؛ فهو بالله، ولله، ومع الله. إلى غير هذا من الآيات التي صدرت حال الدعاء بصفة الربوبية. أما دعاء السؤال: فهناك أدعية تكون بصفة الإلوهية "اللهم.. يا الله.. لا إله إلأنت... إلهي". لكن الغالبية العظمى تدعو بـ"رب" لا بـ"إله" على أن إله معناها: الذل والإخبات والحب والإجلال؛ لكن الأغلب يكون بصفة الربوبية وذلك لخمسة معاني: 1- صفة الخلق. 2- صفة الرزق. 3- صفة التدبير. 4- صفة الإحياء. 5- والإماتة. لذا.. عند طلب المغفرة تقول: "يا رب اغفر لي"، ولا تقول: "يا إلهي اغفر لي".. لأن مقام طلب المغفرة يقتضي أنك عبدٌ ذليلٌ خاضع، واسم الرب بمعانيه يتماشى معه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.