أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الخامسة والعشـــرون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: معنى اسم [الرب] في حق الله:

4- قال القرطبيُّ رحمه الله: "فيجبُ على كلِّ مُكلَّفٍ أَنْ يَعلمَ أَنْ لا ربَّ له على الحقيقةِ إلا اللهُ وَحْدَهُ، وأَنْ يُحسِنَ تربيةَ مَنْ جُعلتْ تربيتهُ إليهِ، فيقُومُ بأمرِهِ ومَصالحِهِ كما قامَ الحقُّ فَيُرَقِّيَه شيئًا شيئًا، وطورًا طورًا، ويحفظُه ما استطاع جُهْدَه، كما حفظه الله.

فالعالِمُ الرَّبانيُّ هو الذي يُحقِّقُ عِلْمَ الرُّبوبيةِ وربَّى النَّاسَ بالعلمِ على مقدارِ ما يحتمِلُوه، فبذَلَ لخواصِّهم جوهَرَهُ ومكنونَهُ، وبذل لعوامِّهم ما ينالون به فَضْلَ اللهِ ويُدركونه" اهـ

5- وقد دعا الأنبياءُ والصالحون اللهَ سبحانه وتعالى بهذا الاسمِ وتَضَرَّعوا به إليه.

فدعا آدمُ؛ وحوَّاءُ به كما في قولِهِ تعالى: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].

ونوحٌ؛ في دعائِهِ: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ

 بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ﴾ [نوح: 28].

وإبراهيمُ وإسماعيلُ عليهما السلام؛ ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ

 الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].

وموسى؛ ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأعراف: 151].وعيسى؛  ﴿اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾المائدة: 114

والرسولُ صلى الله عليه وسلم وأُمَّتُه في قولِهِ: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَانُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].

وغيرُ ذلك في كتاب الله كثيرٌ لا يُحصى.

6- وقد نَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم العبدَ أن يقولَ لسَيِّدِهِ (رَبّي)، فقال: "لا يَقُلْ أحدُكم: أطعِمْ ربَّك، وَضِّئْ ربَّك، ولْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلَايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي

أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي"

قال الحافظ ابنُ حَجرٍ: "وفيه نهيُ العبدِ أن يقول لسيِّدِهِ ربِّي، وكذلك نهيُ غيرِهِ فلا يقولُ له أحدٌ ربّك، ويدخلُ في ذلك أَنْ يقولَ السَّيِّدُ ذلك عن نفسِهِ، فإِنَّهُ قد يقولُ لعبدهِ اسقِ ربَّك، فيضعُ الظاهرَ مَوْضِعَ الضميرِ على سبيلِ التعظيمِ لنفسِهِ.

والسَّببُ في النهيِ أَنْ حقيقةَ الرُّبوبيَّةِ للهِ تعالى، لأَنَّ الربَّ هو المالِكُ القائِمُ بالشَّيءِ، فلا تُوجَدُ حقيقةُ ذلك إلا للهِ تعالى، قال الخطابيُّ: سَبَبُ المنعِ أَنَّ الإنسانَ مربوبٌ مُتَعَبَّدٌ بإخلاصِ التوحيدِ للهِ، وتَرْكِ الإشراكِ معه، فكُرِهَ له المضاهاةَ في الاسمِ لئلا يَدخلَ في معنى الشّركِ، ولا فرْقَ في ذلك بين الحُرِّ والعبدِ، فأما ما لا تَعَبُّدَ عليه مِن سائرِ الحيوانات والجماداتِ فلا يُكرَهُ إطلاقُ ذلك عليه عند الإضافة كقوله: رَبُّ الدَّارِ، ورَبُّ الثوبِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.