أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة السابعــــــــة عشرة في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد: فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: دعاء العبادة:   

فالمؤمن الموقن بهذا عن علم، ومعرفه يدرك أن الله -تعالى- هو رب كل الأشياء، فلا خالق، ولا رازق، ولا معطي، ولا مانع،ولا مميت، ولا محيي، ولا مدبر لأمر المملكة ظاهراً وباطناً سواه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا يجري حادث إلا بمشيئته، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ }سبأ:3، إلا وقد أحصاها علمه، وأحاطت بها قدرته، ونفذت بها مشيئته، واقتضتها حكمته.

فمن عرف ذلك، واستيقنه لم يطلب غير الله -تبارك وتعالى- ربًّا،وإلهاً، بل رضي به -- سيداً، وربًّا، ومن كانت هذه صفته ذاق طعم الإيمان، وحلاوته، كما جاء عن العباس بن عبد المطلب –- أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولا).

 يقول القاضي عياض -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: "صح إيمانه، واطمأنت به نفسه، وخامر باطنه؛ لأن رضاه بالمذكورات دليل لثبوت معرفته، ونفاذ بصيرته، ومخالطة بشاشة الإيمان قلبه، لأن من رضي أمراً سهل عليه، فكذا المؤمن إذا دخل قلبه الإيمان سهل عليه طاعات الله -تعالى-، ولذّت له، وهان عليه القيام بوظائف العبودية"، الذي عرف بأن نواصي الخلق بيد الله، وأن الملك كله له، وأن ما عداه فقراء، ضعفاء، عبيد مساكين، مربوبون لله --، فإنه لا يخافهم، ولا ينتظر منهم شيئا،ً ولا يعبأ بمدحهم، وإطرائهم، ولا يطلب المحمدة، والمنزلة في قلوبهم، يعرف قدر المخلوقين،وكذلك يعلم أن الله هو الرزاق، ذو القوة المتين، فلا يتوكل على المخلوق في رزقه؛ فيصانع هذا، ويداري هذا، فمصانعة وجه واحد أرفق بنا من مصانعة وجوه كثيرة،كل شيء بيد الله، والذي لا يتيقن هذه المعاني حقيقة يتخطف قلبه، ويلتفت هنا وهناك، ويبحث، ويطلب من ينصره، ويرزقه، ويعافيه.

المريض يتعلق قلبه بطبيب، ولربما تعلق قلب الفقير بالغنيّ، ولربما تعلق قلب الموظف بمدير الشركة،

فيتصنع له، ولربما عصى الله من أجله، خشية أن

يبعده، هل هذا يليق؟ هل هذا يكون قد عرف معنى الربوبية؟

الثمرة الثالثة: أن نحسن رعاية وتربية من استرعانا الله إياهم، فنحفظ الأبناء، والتلاميذ، وننشِّئهم على المعاني الصحيحة الطيبة شيئاً فشيئاً، كما أن الصغير يربى على اللبن في أول أمره حينما يكون حديث الولادة، ثم بعد ذلك ينقل من حال إلى حال، حتى يستطيع أن يأكل الطعام ولا يضره، فهكذا -أيضاً- في المعاني، والتربية، والتهذيب، والسلوك، والأخلاق، كونوا ربانيين.

ما معنى كُونُوا رَبَّانِيِّينَ (آل عمران:79)؟ قال ابن عباس -ا-: "الذي يعلم الناس صغار العلم قبل كباره".

فالعالم الرباني هو: الذي يربي الناس بالعلم على مقدار

 ما يتحملون، ولا يحدثهم بما لا تطيقه عقولهم، أو ما لا تطيقه قُدرهم، وإمكاناتهم، أشياء لا يستطيعون تنفيذها أصلاً؛ لأن قُدرهم العملية لا تحتمل هذا، فلماذا يحدثهم؟ 

ينبغي ألا يحدثهم بشيء يكون فتنة لهم؛ لأنهم لم يتأهلوا له، ولم يتهيئوا لسماعه، وفهمه، وقبوله، فيبذل

لخواصهم جوهره، ومكنونه، ويبذل لعوامهم ما ينالون به فضل الله، ويدركونه بحسب ما أعطاهم الله من

الإمكانات، والقُدر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.