أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الرابــــــــــــــعة في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع ( الرب ) وهي

 بعنوان: المقدمة(وتربيته سبحانه وربوبيته تعالى نوعان:

ربوبية عامة تشمل كل مخلوق بَرّاً أو فاجراً، مؤمناً أو كافراً، سعيداً أو شقيّاً، مهتدياً أو ضالاً، وهي تربيته

لهم أجمعين بالخلق والرزق، والتدبير والإنعام، والعطاء والمنع، والخفض والرفع، والإحياء والإماتة، والتولية والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29].

وتربية خاصة لأوليائه حيث رباهم فوفَّقهم للإيمان به والقيام بعبوديته، وغذَّاهم بمعرفته والإنابة إليه، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، ويسَّرهم لكلِّ خير، وحفظهم من كلِّ شرٍّ.

ولهذا كانت أدعية أولي الألباب والأصفياء الواردة في القرآن باسم الربِّ استحضاراً لهذا المطلب، وطلباً منهم لهذه التربية الخاصة، فتجد مطالبهم كلها من هذا النوع، واستحضار هذا المعنى عند السؤال نافع جداً للعبد.

ثم إنَّ إيمان العبد بالله ربّاً يستلزم إخلاص العبادة له

وكمال الذل بين يديه، قال تعالى: (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 92]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) [البقرة: 21]، فكونه سبحانه رب العالمين يقتضي ألاَّ يتركهم سُدىً وهملاً لا يؤمرون ولا ينهون، بل خلقهم لطاعته وأوجدهم لعبادته، فالسعيد منهم من أطاعه وعبده، والشقيُّ منهم من عصاه واتبع هواه، ومن آمن بربوبية الله ورضي بالله رباً رضي بما يأمُرُه به وينهاه عنه ويقسمُه له ويقدره عليه ويعطيه إياه ويمنعه منه، ومتى لم يرضَ بذلك لم يكن محقِّقاً الرِّضى بالله رباً من كل الوجوه، وفي الحديث: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً" رواه مسلم [ في "صحيحه" (رقم: 34) من حديث العباس رضي الله عنه.(1/81)]

هذا وإن شهود العبد انفراد الرب تبارك وتعالى بالخلق والحكم وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا تتحرّك ذرّة إلاَّ بإذنه، وأن الخلق مقهورون تحت قبضته، وأنه ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابعه إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه فيه تحقيق لمقام (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) علماً وحالاً فيثبت قدم العبد في توحيد الربوبية ثم يرقى منه صاعداً إلى توحيد الإلهية، فإنه إذا تيقن ذلك لم يتخذ سواه سبحانه إلهاً ومعبوداً، فأوّل ما يتعلق القلب يتعلق بتوحيد الربوبية ثم يرتقي إلى توحيد الإلهية كما يدعو الله سبحانه عباده في كتابه بهذا النوع من التوحيد إلى النوع الآخر ويحتجُّ عليهم به ويقرّرهم به ثم يخبر أنهم ينقضونه بشركهم به

 في الإلهية.

قال الله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [الزخرف: 87]: أي فأين يصرفون عن شهادة أن لا إله إلا الله وعن عبادته وحده وهم يشهدون أنه لا رب غيره ولا خالق سواه، وقال تعالى: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [المؤمنون: 84 - 85]، فتعلمون أنه إذا كان هو وحده مالك الأرض ومن فيها وخالقهم وربهم ومليكهم فهو وحده إلههم ومعبودهم فكما لا رب لهم غيره فهكذا لا إله لهم سواه، وفي هذا احتجاج عليهم بأن من فعل لهم هذا وحده فهو الإله لهم وحده، فإن كان معه رب فعل هذا فينبغي أن تعبدوه وإن لم يكن معه رب فعل هذا فكيف تجعلون معه إلهاً آخر [ انظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (1/ 410 - 412).(1/82) ] وهذا من أبين ما يكون دلالةً على فساد الشرك وما عليه أهله من السفه والضلال، تعالى الله عما يشركون.

[الأنترنت – موقع مكتبة الفكر –اسم الله ( الرب ) فقه الأسماء الحسنى  - د عبد الرزاق البدر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.