أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقـــــــــــــة التاسعة والعشرون في موضــــــــــــوع الـــــــــــــــــــوارث

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع

(الوارث) وهي بعنوان :*ميراث الجنة :

وفي الحديث يشبه النبي- صلى الله عليه وسلم- المسلم في الدنيا بالرامي الذي يسدد ويصوب على هدف، يريد أن يصيب منتصفه، فإن حاول ذلك، وبذل كل ما في وسعه ولم يصب النقطة التي في منتصف الهدف، فستكون إصابته قريبة من ذلك، ولكنه إن صوَّب على طرف الهدف، فقد لا يصيبه إطلاقاً. ومثل ذلك الطالب أيضاً إن جعل هدفه أن ينجح بامتياز، وبذل الجهد المناسب لهذا الهدف، فقد يحصل عليه، وإن لم يوفق فسيحصل على تقدير "جيد جداً"، وأما إن كان هدفه النجاح فقط، فقد ينجح، وقد يخفق. وهكذا...

وفي الحديث الحث على العمل لا على الكسل، ولكنه يحث أيضاً على الاعتدال الذي يستطيع الإنسان به أن يداوم على عمله، (فالقصد القصد تبلغوا) أي عليكم بالاعتدال والاتزان؛ لتصلوا إلى رضوان الله وجناته، وتشملكم رحمة الله -تعالى-. والإسلام هو دين الوسطية والاتزان، فهو يوازن بين حقوق الله وحقوق الناس، وحقوق الأهل، وحقوق النفس؛ ففي الحديث: (إنَّ لربك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه)6. ولما جاء بعض أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته، وقال بعضهم: أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أقوم الليل ولا أنام، وقال ثالث: لا أتزوج. قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)7. ولكن ما هو مقياس الاعتدال وعدم التطرف؟ هل هو أهواء الناس وعقولهم وشهواتهم؟! إن الذي يعيش في محيط تجرأ على محارم الله –تعالى-، يعتبر نفسه معتدلاً تزناً، ويعتبر التمسك بالحد الأدنى من الدين تعصباً وتطرفاً!!. إن بعض المجتمعات تعتبر عدم الاختلاط، وعدم إقامة العلاقات الجنسية، وعدم شر الخمور تطرفاً وتعصباً. إن العقل البشري غير قادر بمفرده على وضع الميزان الصحيح للاعتدال، ولا أدل على ذلك من اختلاف هذه العقول حول ذلك، فبأي الآراء نأخذ؟! وهل رأي الأكثرية دائماً صحيح؟! وهل يمكن أن يكون لكل فرد قانونه الخاص به؟! ولماذا أتنازل عن قناعاتي لحساب قناعاتك؟!

إن التوازن أمر فوق طاقة البشر، لا يقدر عليه إلا القدير الذي خلق الكون متوازناً؛ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} سورة القمر(49). والذي أنزل الدين متوازناً؛ لأنه العليم بما خلق، الحكيم فيما شرع؛ {أَلَا

يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} سورة الملك (14).

إن الأمة الإسلامية هي التي تملك المقياس الصحيح للاعتدال، وهي المتخصصة والمؤهلة لتعليم الناس الوسطية الحقيقية، قال الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} سورة البقرة(143). وهكذا فتشريعات الله هي التي تحقق الاعتدال، وكل ما خالفها فهو التطرف، مهما كثر فاعلوه، وانتشر مؤيدوه8. وخلاصة القول أنَّ الإنسان مهما عمل من الأعمال الصالحة؛ فإنه لابد له من خول الجنة من تحقق أمرين:

1. العمل الصالح، وهذا سبب لدخولها.

2. رحمة الله -تعالى-، وهذا أهم سبب لدخول الجنة. [ الأنترنت – موقع إمام المسجد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.