أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثالثة والأربعــون بعد المـائة في موضـــــوع الغنــــــــي المغنــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :  فهذه الحلقة

الثالثة والأربعون بعد المائة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى

 وصفاته وهي بعنوان ::*الغنى غنى النفس :

فالمؤمن في الدنيا إذا قارنَ يُقارن بمَن هو أقل منه، وهذا ما أَرشد إليه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن ينظر الإنسان إلى مَن هو دُونَه قال: ((فذلك أجْدر ألَّا يَزدريَ نعمةَ اللهِ عليه))، ألَّا يستقلَّ هذه النعمة التي آتاه الله جل وعلا، وحتى يكون الإنسانُ على هذا المنهج الصحيح أيضًا يقول عليه الصلاة والسلام: ((وارْضَ

 بما قَسَمَ اللهُ لكَ تَكُنْ أغنَى الناس)). رواه أحمد وغيره.

والمعنى أنْ تَقْنَع بما أعطاك الله، وجعَله حظَّك مِن الرزق تَكُنْ بهذا أغنَى

الناس، فإنَّ مَن قَنَعَ استغنَى، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام أيضًا مؤكِّدًا مَعايير النظَر فيما أُعطي الإنسان (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحَذَافِيرِها)، رواه الترمذي وحسَّنه.

ومما شاع بين كثيرٍ من الناس، وانتشَر اليوم؛ أن يُقارنوا أنفسَهم بحسب ما يتداولونه مِن الصُّوَر والمقاطع المصوَّرة، التي تجد كثيرًا من الناس، وخاصة في مجتمع النساء، قبل أن يتناول طعامه يُصَوِّره ويُرسل به لآخرين إن كان في فسحة أو نزهة في مكان، في داخل أو خارج، في جبل أو وادٍ، أو في غير ذلك، صوَّر وأرسل، أنا في هذا المكان وفي هذه النزهة وفي غير ذلك، هذا الأمر في حد ذاته قد لا تكون عليه المؤاخذة، إلا إذا تطوَّر الأمر كما هو حاصل وواقع، أن يكون على سبيل المفاخَرة، وأن يكون على سبيل التزيُّد وإظهار أن هذا الإنسان عنده ما ليس عند غيره، فهذا خطأ مَنَع منه الشرع، وخطأٌ يَقتضي العقلُ منعَه أيضًا، فالإنسان إذا أُنعم عليه بنعمة، وعلِم أن غيره محروم، فليس مِن شُكر اللهِ، ولا مِن مراعاة مشاعر الآخرين أن يتزيَّد بينهم بما أعطاه الله، وبخاصة إذا لم يكن ثمة داعٍ لإظهاره، أما إن كان أمرًا ظاهرًا أُعطي الإنسان مِن مال أو صحة أو ولد فإنه إنْ ظهر يُظهر شكرَ الله، فإن الله سبحانه يحبُّ عباده الشاكرين.

أما ما استتر ولم يكن داعٍ، ولم يكن مناسبة لإظهاره فإن الشرع يأمر أن يكون الإنسان مُستترًا به، غيرَ مشهر، ولا مُظهر على سبيل المفاخَرة، وفي هذا جاء في الأثر: ((استعينوا على قضاء حوائجِكم بالكِتْمان))؛ حتى لا يتعرَّض الإنسانُ لحسدِ حاسدٍ، ولا لغيرةِ غيورٍ، ولا لغير ذلك.

والمقصود: أن المرء ينبغي أن يتعامل في هذه الأمور على وَفْق الشرع، ومِن

الشرع ما دلَّت عليه هذه الآية الكريمة: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾ [طه: 131].

والمرء أيضًا في هذا الباب يحرص على أن يُلزم نفسَه القناعةَ بما أعطاه الله، وأنه بهذه العطية الربانية مِن أغنَى الخلْق، وقد كان نبيُّنا صلى الله عليه وآله وسلم يدعو ويقول: (اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ)،ثم يقول:(اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ). رواه النسائي.

قال الإمام النووي رحمه الله في معنى قوله: ((وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ)): استعاذ صلى

 الله عليه وآله وسلم مِن الحِرْص والطَّمَع والشَّرَهِ، وتعلُّقِ النفْس بالآمال البعيدة.

  أيها الإخوة ؛ فهذا قولٌ نبويٌّ جامِع ينبغي أن يكون منهجًا لنا في التعامُل في

هذه القضية المهمَّة؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام: ((ليس الغِنَى

عن كثرة العَرَضِ، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ)).

[ الأنترنت - موقع الشيخ خالد الشايع - شرح حديث: ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس – خطبة جمعة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .