أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الأربعـــــــون بعد المـائة في موضـــــوع الغنــــــــي المغنــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :  فهذه الحلقة

الأربعون بعد المائة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان ::*الغنى غنى النفس :

* حديث: ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس :

     إنَّ الإنسان بطبْعه محبٌّ للدنيا، ومحبٌّ لجمْع المال والاستكثار مِن متاع هذه الحياة؛ كما أخبر الله سبحانه ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ.. ﴾ [آل عمران: 14] الآية، وكما دلَّت على ذلك نصوص عديدة كما في قوله جل وعلا: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20]، وكما في قوله سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8]، ومع هذه الغريزة التي تكون في نفْس كلِّ إنسان ربما يَطغى الإنسانُ، ويفرط به مراده إلى أن يتطلَّب متاع الدنيا مِن غير ما أحلَّ اللهُ وما أباح، وقد يؤدِّي به ذلك أيضًا إلى أن يظن أنَّ هذه الأعراض والأغراض الدنيوية هي التي لأجلها يعيش، ولأجلها يُنافس، وتكُون مُنتهى أمَلِه، فجاءت الشريعة الغرَّاء لتوضِّح ما ينبغي على المكلَّفين في هذا الجانب؛ حتى لا تطمح النفْسُ إلى ما حَرَّم اللهُ جل وعلا، وحتى لا تنسَى ما يجب عليها مِن الاستعداد للآخرة، واتخاذ هذه الحياة الدنيا مَطِيَّةً للآخرة، لا

أن تكُون هذه الدنيا هي مُنتهَى الآمال.

وفي هذا الباب أستعرض وإياكم نصًّا نبويًّا، هو مِن جوامع كَلِمِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فهو لفظ وإنْ كان مختصَرًا، لكن تحته مِن المعاني الغزيرة ما ينبغي تأمُّله حتى يدرك الإنسان ما ينبغي عليه في هذا الباب، ولأجل أن يجنيَ مِن الثمرات المريحة لباله، المطمْئنة لنفْسه، الموجِّهة له الوجْهة الصحيحة في هذه الحياة الدنيا، فقد رَوى الإمامان: البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض؛ ولكن الغِنَى غِنى النَّفْس))؛ هذا الحديث الشريف بوَّب عليه الإمام النووي رحمه الله فقال: باب فضْل القناعة والحثّ عليها

وهنا يقرِّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن الغِنَى الحقيقيَّ المعتَبَر يكُون باستغناء النفْس، وعدم حرصها على الدنيا، ذلك أن النفس لا تزال طامحةً إلى الاستكثار مِن المال، ولو بحثْنا في أعظَم الدوافع لهذا الأمْر لوجدْنا أنَّ أكثر الناس وعامتهم يحرصون على ذلك حتى يستغنوا عن الآخرين؛ لأن الحاجة إلى الخلْق مذلَّة، فالإنسان الذي يستغني عنهم بوجود المال الذي يهيِّئ له متطلباته؛ فلا يحتاج لأحد في حاجياته، هذا في حد ذاته مطلبٌ مهمٌّ، ولكنه ليس هو السبيلَ المتوحِّد والحقيقيَّ للاستغناء عن الناس؛ لأنك واجدٌ أيضًا مَن يملِك المال، ويملِك ما هو أكثر مِن ذلك مِن وجاهة ورُتَب ومَرَاتب، لكنَّ نفْسَه لا تزال متوجِّهةً إلى أن يتَّكِئَ على الآخرين وأن لا يستغني عنهم، فبذلك لا زالت المشكلة قائمة؛ لأن استغناء الإنسان عن الآخرين هذا مِن متطلبات الحياة الكريمة، لأجل أن لا يكُون لأحدٍ مِن الخلْق فضْل عليك، وإنما الفضل لله وحده.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .