أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الخامسة عشرة بعد المـائة في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :  فهذه الحلقة

الخامسة عشرة بعد المائة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى

وصفاته وهي بعنوان: *الغنى الحقيقي هو غنى العمل الصالح :

  الحقيقة الدقيقة : أنك إذا وصفت إنساناً بأنه غني فهذا في الحقيقة ليس بغني ، هذا غنى نسبي ، لماذا ؟ يعني الإنسان على حجم ماله الكبير ، على هيمنته الكبيرة ، على مكانته الرفيعة ، على سيطرته ، على كل ما يملك هذا منوط بقطر شريانه التاجي فإذا ضاق هذا الشريان دخل في متاعب لا تنتهي ، وقد ينجو ، وقد لا ينجو ، إذاً ليس غنياً ، وهذا الغني ، هذا القوي ، هذا المتفوق ، هذا المتغطرس ، كل مكانته ، وقوته منوطة بسيولة دمه ، فإذا تجمدت قطرة دم في أحد أوعية دماغه في مكان أصيب بالشلل،في مكان فقد الذاكرة،في مكان فقد السمع ،في مكان فقد البصر، في مكان فقد الحركة ،إذاً ليس غنياً أعرف شخصاً جاء بشهادة عليا ، وصل لمنصب ما قبل الوزير ، مكانة ، وعلم ، وزوجة رائعة ، وبيت فخم ، ودخل كبير ، فقد بصره ، زاره أحد أصدقائي ، قال له : يا فلان والله أتمنى أن أجلس على الرصيف ، وأتسول ، وليس عليّ إلا هذا المعطف ، وأن يرد لي بصري .

إذاً ما في غني " الغني " هو الله .شيء آخر قاله الإمام علي رضي الله عنه : الغنى والفقر بعد العرض على الله .

أما قبل العرض على الله لا يعد الغني غنياً ، ولا الفقير فقيراً ، وأصحّ ما في هذا اللقاء الطيب أن الغنى الحقيقي هو غنى العمل الصالح ، والدليل : أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام حينما سقى للفتاتين ابنتي سيدنا شعيب ، قال : " رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ " [القصص:24] .فيجب أن تعد نفسك غنياً إذا أكرمك الله بعمل صالح ، إذا سخرك لخدمة خلقه ، إذا كنت مفتاحاً للخير ، مغلاقاً للشر ، إذا بثثت في الناس الطمأنينة ، والأمن ، والسكينة ، إذا أطعمت جائعهم ، إذا كسوت عاريهم ، إذا عالجت مريضهم ، إذا آويت مشردهم ، إذا أنصفت مظلومهم ،

أنت الغني ، الغنى الحقيقي غنى العمل الصالح .

*القرار البطولي الذي يتخذه الإنسان بالتوبة قد يدفع ثمنه ولكن يرقى به إلى الجنة : الآن الغنى في ذات الله عز وجل إذا تعلق الغنى بالمشيئة فهو من صفات الأفعال كقوله تعالى :{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " [التوبة:28]

الغني سبحانه هو المستغني عن الخلق بذاته وصفاته وسلطانه :" الغني " صفة من صفات أفعال الله عز وجل ، وإن لم يتعلق الغنى بالمشيئة ، فهو صفة من صفات الذات ." وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " [آل عمران:97] .

هذه صفة ذات ، وكقوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " [فاطر:15] لو دخلنا في تفاصيل معنى " الغني " ، "الغني " سبحانه هو المستغني عن الخلق بذاته ، وبصفاته ، وبسلطانه ، والخلق جميعاً فقراء إلى إنعامه ، وإحسانه ، فلا يفتقر إلى أحد في شيء ، بل كل مخلوق مفتقر إليه في كل شيء ، وهذا هو الغنى المطلق ، وهو الغنى الحقيقي ، وغنى الإنسان غنى مجازي ، يعني غني بماله ، لكن مفتقر إلى الصحة ، مفتقر إلى العقل ، مفتقر إلى التوفيق ، مفتقر إلى النصر .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .