أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الحادية عشرة بعد المـائة في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :  فهذه الحلقة

الحادية عشرة بعد المائة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان: * { إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ } :

وبدون الإيمان نكون أسوأ حظاً في الحياة، وأدنى رتبة في سلم المخلوقات من

أذل البهائم وأضعف الحشرات وأشرس الضواري، فالبهائم تجول كما نجول، ولكنها في نجوة من هم الرزق، وخوف الفقر، وكرب الحاجة، وذل السؤال.

وهي تلد كما نلد، وتفقد أولادها كما نفقد، ولكنها في راحة من هلع المثكلة،

وجزع الميتة، وهم اليتامى المستضعفين...

وهي في أجسادها تتلذذ كما نتلذذ، وتألم كما نألم، ولكنها في راحة مما يأكل القلوب، ويقرح الجفون، ويقض المضاجع، ويقطع الأرحام، ويفرق الشمل، ويخرب البيوت، من المهلكات كالحسد والكذب والنميمة والفرية والقذف

والنفاق والخيانة والعقوق وكفر النعمة ونكران الجميل.

وهي تعرف بنوع من الإدراك ما يضرها وما ينفعها، ولكنها في نجوة من أعباء التكليف، وأثقال الأوزار، ومضض الشك، وكرب الحيرة، وعذاب الضمير.

وهي تمرض كما نمرض، وتموت كما نموت، ولكنها في راحة من التفكير في عقب المرض، وفراق الأحباب، وسكرات الموت، ومصير الموتى وراء القبور..

والضواري تسفك الدماء لتشبع بلا سرف، ولكنها لا تسفكها أنفاً ولا جنفاً ولا صلفاً ولا ترفاً ولا علواً في الأرض ولا استكباراً.

أما هذا الحيوان الفيلسوف الضعيف الهلوع الجزوع المطماع المختال الفخور المترف المتكبر المتجبر السافك للدماء الذي لا يأتيه شقاء الحياة أكثر مما يأتيه إلا من تفكيره، فإنه لا علاج لشقائه إلا بالإيمان، فالإيمان هو الذي يقويه، وهو الذي يعزيه، وهو الذي يسليه، وهو الذي يمنّيه، وهو الذي يرضيه، وهو الذي يجعله إنساناً يسعى إلى مثله الأعلى لتسجد له الملائكة. من دون هذا الإيمان يكون هذا الإنسان المسكين أتعس الخلائق، وأسوأها حظاً، وأعظمها شقاءً وأشدها بلاء، وأحطها رتبةً، وأرذلها مصيراً»[ قصة الإيمان ص 439-441 باختصار.]

النصيحة الخامسة: تأمل معي وتدبر هذه الآيات الكريمات التي تهز القلوب الحية، ولو أنزلت على جبل لرأيته خاشعا متصدعاً: قال الله - عز وجل -: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [البقرة: 28]، وقال تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكهف: 37]، وقال سبحانه: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [فصلت: ٩].

وأختم هذه الآيات بآيات من سورة آل عمران، تزلزل القلوب، وتهدد من أصرّ على ضلاله وعناده بعد أن بانت له الحجج والبينات ثم لم يهتد واتبع هواه، وأن الله - عز وجل - قد يحول بينه وبين التوبة والهداية عياذاً بالله تعالى:

قال الله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ

حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ ،أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْـمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ ، إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ، إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ} [آل عمران: 86 - 91].  [الأنترنت – موقع مجلة البيان {إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ} ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .