أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والتسعـون في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

* مفاهيم قرآنية (الغنى والفقر) في ضوء القران الكريم :

لا ينكر أحد ما للمال من أهمية تلقي بظلالها على حياة الأفراد والمجتمعات, فضرورات الفرد وكمالياته لا تتم إلا بالمال وشئون الجماعة المختلفة لا تقوم إلا عليه, ولذا قيل: "المال عصب الحياة"

وقال الشاعر: بالعلم والمال يبني الناس ملكهمُ ***  لم يبن ملك على جهل وإقلال

ويقول التابعي الجليل سعيد بن المسيب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لا خير فيمن لا يُعنى بالمال, يقضي به دينه, ويصون به عرضه, ويصل به رحمه".

وعلى مستوى الشعوب فطنت بعض الفئات –وعلى رأسهم اليهود- إلى أهمية المال في تحقيق السيطرة والهيمنة على الآخرين, فعملوا على أن تكون لهم اليد الطولى على بقية الشعوب في امتلاكه.

ومما يذكر في هذا المجال قول كارل ماركس فيلسوف الشيوعية: "إن اليهودي الذي لا يحسب له حساب في فيينا (عاصمة النمسا) هو الذي يقرر بقوة المال مصير النمسا كلها, واليهودي الذي يكون في أصغر الولايات الألمانية محرومًا من الحقوق هو الذي يقرر مصير أوربا بأجمعها".

وإذا كانت للمال كل هذه الأهمية فليس بغريب أن يحتفي الإسلام به, وهو الدين الذي ينشد القوة والعزة لأتباعه. يقول رب العزة، مشيرًا إلى أهمية المال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}(النساء:5) أي لا يحصل قيامكم ولا معاشكم إلا به.

ويقول تعالى مشيرًا إلى أن المال أساس في التمتع بزينة الدنيا التي أتاحها لنا بشرط عدم طغيانها على العمل للآخرة؛ {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}(الكهف:46) وقال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ}(آل عمران:14) وقد قال ربنا في آية أخرى في شأن الزينة: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(الأعراف:32).

بل يصل احتفاء الإسلام بالمال أن الله تعالى جعله مظهرًا من مظاهر امتنانه على خلقه, ييسر لهم الحصول عليه والبركة فيه إن هم أطاعوه, فيقول تعالى على لسان نبيه نوح عَلَيْهِ السَّلَامَ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}(نوح:10-12).

وفي الحديث الذي رواه البخاري وغيره "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".ومن هنا تسقط كل الدعاوى التي تزعم بأن الإسلام يكره المال, سواء أقالها مسلم جاهل, أم كافر مغرض ليبعد المسلمين عن دوائر المال فتسهل سيطرة أعدائهم عليهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .