أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الرابعة والثمانـون في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : *أثر الغنى بالنّسبة للوصيّة :

 ذهب الفقهاء إلى أنّ من كان غنيّاً فإنّه يستحبّ له الوصيّة بجزء من ماله، أمّا الفقير فلا يستحبّ له أن يوصي‏.‏ لأنّ اللّه سبحانه وتعالى قال‏:‏ ‏{‏إِن تَرَكَ خَيْرًا‏}‏ وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقّاص‏:‏» إنّك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً يتكفّفون النّاس «‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّ قليل المال الّذي له ورثة فقراء لا يستحبّ له أن يوصي، وروي عن أحمد أنّه إذا ترك دون الألف لا تستحبّ الوصيّة، قال ابن قدامة‏:‏ والّذي يقوى عندي أنّه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة فلا تستحبّ الوصيّة، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم علّل المنع من الوصيّة بقوله‏:‏ ‏{‏أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً‏}‏ ولأنّ إعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الأجنبيّ، فمتى لم يبلغ الميراث غناهم كان تركه لهم كعطيّتهم إيّاه، فيكون ذلك أفضل من الوصيّة به لغيرهم، فعند هذا يختلف الحال باختلاف الورثة، فلا يتقيّد بقدر من المال‏.‏

*اعتبار الغنى في الكفاءة في النّكاح ‏:‏

للفقهاء اتّجاهان في اعتبار الغنى في الكفاءة في النّكاح‏:‏

أ - الاتّجاه الأوّل‏:‏ هو أنّ الغنى معتبر في النّكاح في حقّ الزّوج، فلا يكون الفقير كفئاً للغنيّة ‏;‏ لأنّ التّفاخر بالمال أكثر من التّفاخر بغيره عادةً ‏;‏ ولأنّ للنّكاح تعلّقاً لازماً بالمهر والنّفقة، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏الحسب‏:‏ المال‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏إنّ أحساب أهل الدّنيا الّذي يذهبون إليه هذا المال‏}‏ ‏{‏وقال لفاطمة بنت قيس حين أخبرته أنّ معاوية خطبها‏:‏ أمّا معاوية فصعلوك لا مال له‏}‏، ولأنّ على الموسرة ضرراً في إعسار زوجها، ولهذا ملكت الفسخ بإخلاله بالنّفقة فكذلك إذا كان مقارناً ‏;‏ ولأنّ ذلك معدود نقصاً في عرف النّاس‏.‏ وهذا مذهب الحنفيّة، وهو قول عند الشّافعيّة، قال الأذرعيّ عنه إنّه المذهب المنصوص الأرجح دليلاً ونقلاً، وهو كذلك قول عند المالكيّة، ورواية عند الحنابلة ذكرها ابن قدامة، في حين أنّ أكثر كتب الحنابلة لم يرو غيرها في المذهب‏.‏

ب - والاتّجاه الثّاني‏:‏ هو عدم اعتبار الغنى في الكفاءة ‏;‏ لأنّ المال ظلّ زائل،

 وهو يروح ويغدو، ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر‏.‏ وهذا قول للمالكيّة، وعلى هذا القول‏:‏ إنّه ليس للأمّ الاعتراض على الأب إذا زوّج ابنته من رجل فقير، خلافاً لمن قال - باعتبار الغنى - بأنّ لها الاعتراض، وعدم اعتبار الغنى هو الأصحّ عند الشّافعيّة كما قال النّوويّ والشّربينيّ الخطيب، وهو الرّواية الثّانية عند الحنابلة ذكرها ابن قدامة‏.‏ والغنى المعتبر في الكفاءة هو القدرة على مهر مثلها والنّفقة، ولا تعتبر الزّيادة على ذلك، حتّى إنّ الزّوج إذا كان قادراً على مهر مثلها ونفقتها يكون كفئاً لها، وإن كان لا يساويها في المال، ومن لا يملك مهراً ولا نفقةً فلا يكون كفئاً للغنيّة، ولا تعتبر المساواة في الغنى ‏;‏ لأنّ الغنى لا ثبات له ‏;‏ لأنّ المال غاد ورائح، وهذا ما روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمّد في ظاهر الرّوايات، وهو موافق لما ذكره القائلون باعتبار الغنى في الكفاءة من المالكيّة والحنابلة، وعند أبي حنيفة ومحمّد في غير رواية الأصول‏:‏ أن تساوي الزّوج والزّوجة في الغنى شرط تحقّق الكفاءة ‏;‏ لأنّ التّفاخر يقع في الغنى عادةً‏.‏ [الأنترنت – موقع نداء الإيمان ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .