أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثمانـــــون في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : 

 فهذه الحلقة الثمانون في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : *الحجر على الغنيّ بسبب إسرافه وتبذيره :

  من المقرّر شرعاً أنّ الحفاظ على المال من مقاصد الشّريعة، ومن الحفاظ عليه عدم الإسراف والتّبذير فيه، كصرفه فيما ليس فيه نفع، أو فيما فيه معصية وضرر، كالصّرف في شراء الخمر، وآلات اللّهو والقمار، وما شابه ذلك، ومن يفعل ذلك فهو سفيه يستحقّ الحجر عليه عند جمهور الفقهاء، كما يحجر على الصّبيّ في ماله ‏;‏ لأنّه لا يحسن التّصرّف فيه‏.‏ وقد نهى اللّه سبحانه وتعالى عن إيتاء السّفهاء أموالهم، يقول اللّه تعالى ‏{‏وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً‏}‏ وهي وإن كانت أموال اليتامى إلاّ أنّ اللّه سبحانه وتعالى أضافها إلى الأولياء لأنّهم قوّامها ومدبّروها، فنهاهم اللّه سبحانه وتعالى عن أن يؤتوها اليتامى حتّى يبلغوا الرّشد فقال تعالى ‏{‏فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ‏}‏، أي إن أبصرتم وعلمتم منهم حفظاً لأموالهم وصلاحهم في تدبير معايشهم فادفعوها إليهم‏.‏

قال ابن قدامة‏:‏ قال أكثر أهل العلم‏:‏ الرّشد الصّلاح في المال، والإنسان إذا

كان ينفق ماله في المعاصي كشراء الخمر وآلات اللّهو، أو يتوصّل به إلى الفساد، فهو غير رشيد ؛ لتبذيره ماله وتضييعه إيّاه في غير فائدة‏.‏

ولهذا فإنّه يحجر على السّفيه حفاظاً على ماله، وكذلك فإنّ الصّغير المحجور عليه إذا فكّ عنه الحجر لرشده وبلوغه ودفع إليه ماله ثمّ عاد إلى السّفه أعيد عليه الحجر عند جمهور الفقهاء‏:‏ المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ومحمّد من الحنفيّة‏.‏ وذلك في الجملة‏.‏ وينظر تفصيل ذلك في ‏(‏حجر ف /11، 12، 13‏)‏‏.‏ *الغنى الّذي تتعلّق به الزّكاة :

  الغنى الّذي تتعلّق به الزّكاة نوعان‏:‏ غنًى تجب به الزّكاة،وغنًى مانع من أخذ الزّكاة‏.‏ والغنى المعتبر في إيجاب الزّكاة هو كون المال الّذي فيه الزّكاة فاضلاً عن الحاجة الأصليّة لأن به يتحقّق معنى الغنى‏.‏

وتفصيل ذلك في ‏(‏زكاة ف/ 28، 31‏)‏ والغنى أيضاً هو الأصل في المنع من أخذ الزّكاة، فلا يجوز أن تعطى الزّكاة لغنيّ، لقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ‏}‏، وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا حظّ فيها لغنيّ، ولا لقويّ مكتسب» وقد اختلف الفقهاء في الغنى المانع من أخذ الزّكاة على مذاهب، والتّفصيل في ‏(‏زكاة ف /159‏)‏‏.‏

 *أثر الغنى في أداء الكفّارات :

للغنى أثر في أداء الكفّارات، سواء أكانت الكفّارة عن ظهار، أم قتل، أم إفطار في نهار رمضان، أم حنث في يمين، وسواء أكان الواجب في الأداء على التّعيين في أنواع الكفّارة كما في كفّارة الظّهار والقتل، أم كان الواجب على التّخيير في أنواعها كما في كفّارة اليمين‏.‏

والغنى المعتبر في أداء الكفّارة عند جمهور الفقهاء هو‏:‏ أن يكون عند الإنسان ما يؤدّي به النّوع الّذي وجب عليه من أنواع الكفّارة فاضلاً عن كفايته وكفاية من يمونه، وغير ذلك من حوائجه الأصليّة ؛ لأنّ ما استغرقته حاجة الإنسان كالمعدوم في جواز الانتقال إلى البدل‏.‏ وذهب المالكيّة إلى أنّ القدرة تعتبر بملك ما يكفّر به، ولو كان محتاجاً إليه لعلاج مرض، وسكن لا فضل فيه على ما يسكنه، فإنّه يبيعه ويكفّر به، وكذلك تعتبر القدرة بما يملكه من كتب فقه وحديث محتاج لها، وللمراجعة فيها، فيباع ذلك ويكفّر بثمنه، قال العدويّ في كفّارة الظّهار‏:‏ ولا يترك له قوته، ولا النّفقة الواجبة عليه، لإتيانه بمنكر من القول‏.‏ واختلف الفقهاء في وقت اعتبار الغنى بالنّسبة لأداء الكفّارة، هل هو وقت الوجوب، أو وقت الأداء ‏؟‏ فعند الحنفيّة والمالكيّة وهو الأظهر عند الشّافعيّة‏:‏ المعتبر وقت الأداء ؛ لأنّها عبادة لها بدل من غير جنسها، فاعتبر حال أدائها، وعند الحنابلة، وفي قول للشّافعيّة‏:‏ المعتبر وقت الوجوب، ولا يعطى من الكفّارات لغنيّ يمنع من أخذ الزّكاة‏ ؛ وفي ذلك تفصيل ينظر في مصطلح ‏(‏كفّارة‏)‏‏.‏

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .