أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والسبعـون في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله

الحسنى وصفاته وهي بعنوان : *أثر الغنى في تحريم السّؤال :

بيّن الرّسول صلى الله عليه وسلم من تحلّ له المسألة، فقال لقبيصة بن المخارق‏:‏

«يا قبيصة، إنّ المسألة لا تحلّ إلاّ لأحد ثلاثة‏:‏ رجل تحمّل حمالةً فحلّت له المسألة حتّى يصيبها ثمّ يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصيب قواماً من عيش، أو قال‏:‏ سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتّى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه‏:‏ لقد أصابت فلاناً فاقة فحلّت له المسألة، حتّى يصيب قواماً من عيش أو قال‏:‏ سداداً من عيش فما

سواهنّ من المسألة - يا قبيصة - سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً»‏.‏

قال ابن قدامة‏:‏ فمدّ إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السّداد ؛ ولأنّ

الحاجة هي الفقر، والغنى ضدّها، فمن كان محتاجاً فهو فقير يدخل في عموم النّصّ، ومن استغنى دخل في عموم النّصوص المحرّمة للسّؤال‏.‏

ويتّفق الفقهاء على أنّ الغنيّ يحرم عليه سؤال الصّدقة، ولكنّهم يختلفون في تقدير الغنى الّذي يحرم معه السّؤال‏.‏

يقول الكاسانيّ‏:‏ الغنى الّذي يحرم به السّؤال هو‏:‏ أن يكون للإنسان سداد

عيش، بأن كان له قوت يومه، لما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ «من سأل

وعنده ما يغنيه فإنّما يستكثر من النّار، فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه وما يغنيه ‏؟‏ قال‏:‏

قدر ما يغدّيه ويعشّيه»

وذكر الحطّاب نقلاً عن التّمهيد في قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من سأل وله قيمة أوقيّة فقد ألحف» الحديث فيه أنّ السّؤال مكروه لمن له أوقيّة من فضّة‏.‏

وفرّق بعض المالكيّة بين الغنى بالنّسبة إلى سؤال صدقة التّطوّع، وبين سؤال الزّكاة الواجبة، فقالوا‏:‏ غير المحتاج من عنده قوت يومه بالنّسبة إلى طلب صدقة التّطوّع، أو قوت سنة بالنّسبة إلى سؤال الزّكاة الواجبة، فمن كان عنده ذلك حرم عليه الأخذ مطلقاً، أي سواء كان ما يأخذه من المتصدّق واجباً عليه

 كالزّكاة، أو كان تطوّعاً‏.‏

وفي نهاية المحتاج‏:‏ يكره التّعرّض لأخذ صدقة التّطوّع وإن لم يكفه ماله أو كسبه إلاّ يوماً وليلةً، وسؤال الغنيّ حرام إن وجد ما يكفيه هو ومن يمونه يومهم وليلتهم، وسترته، وآنية يحتاجون إليها، والأوجه جواز سؤال ما يحتاج إليه بعد يوم وليلة إن كان السّؤال عند نفاد ذلك غير متيسّر، وإلاّ امتنع، وقيّد بعضهم غاية ذلك بسنة، ونازع الأذرعيّ في التّحديد بها، ثمّ قال في النّهاية‏:‏ ومعلوم أنّ سؤال ما اعتيد سؤاله - من قلم وسواك - من الأصدقاء ونحوهم ممّا لا يشكّ في رضا باذله وإن علم غنى آخذه لا حرمة فيه ولو على الغنيّ، لاعتياد المسامحة به، ثمّ قال أيضاً في النّهاية‏:‏ وفي شرح مسلم وغيره‏:‏ متى أذلّ نفسه أو ألحّ في

السّؤال أو آذى المسئول حرم اتّفاقاً وإن كان محتاجاً، كما أفتى به ابن الصّلاح‏.‏

وفي شرح المنهاج نقلاً عن الحاوي‏:‏ الغنيّ بمال أو بصنعة سؤاله حرام، وما يأخذه حرام عليه‏.‏

وفي الفروع من كتب الحنابلة‏:‏ من أبيح له أخذ شيء أبيح له سؤاله، وعن

الإمام أحمد‏:‏ يحرم السّؤال لا الأخذ على من له قوت يومه غداءً وعشاءً، ذكر

ابن عقيل أنّه اختاره جماعة، ويكون هذا هو الغنى الّذي يمنع السّؤال، وعن أحمد‏:‏ غداءً أو عشاءً، وعنه‏:‏ إذا كان عنده خمسون درهماً، ذكر هذه الرّوايات الخلّال، وذكر ابن الجوزيّ في المنهاج‏:‏ إن علم أنّه يجد من يسأله كلّ يوم لم يجز أن يسأل أكثر من قوت يوم وليلة، وإن خاف أن لا يجد من يعطيه أو خاف أن يعجز عن السّؤال أبيح له السّؤال أكثر من ذلك، ولا يجوز له في الجملة أن يسأل فوق ما يكفيه لسنة، وعلى هذا ينزل الحديث في الغنى بخمسين درهماً، فإنّها تكفي المنفرد المقتصد لسنته‏.‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .