أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة والثلاثون في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : 

 فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : *ومن ثمرات الإيمان باسم الله الغني :

ومن آثار الإيمان بهذا الاسم الكريم :ثانيًا : أنتم الفقراء إلى الله : فالرب سبحانه

غنيُّ بذاته ،والعبد فقير بذاته ،محتاج إلى ربه ،لا غنى له عنه ،ولو طرفة عين

ويستحيل أن يكون العبد إلا فقيرًا ، ويستحيل أن يكون الرب سبحانه إلا غنيًا ، كما أنه يستحيل أن يكون العبدُ إلا عبدًا ، والربُّ إلا ربًا .

ومن آثار الإيمان بهذا الاسم الكريم : ثالثًا : فقر العباد إلى ربهم فقران :

الأول : فقرٌ اضطراري ، وهو فقرٌ عام لا خروج لبرٍ ولا فاجرٍ عنه ، وهذا الفقر لا يقتضي مدحًا ولا ذمًّا ، ولا ثوابًا ولا عقابًا ، بل هو بمنزلة كون المخلوق مخلوقًا ، ومصنوعًا .

الفقر الثاني : فقر اختياري ، وهو فقر الخشية والطاعة وذلة العبودية . وهو نتيجة علمين شريفين ؛ أحدهما : معرفة العبد لربه ، والثاني : معرفته بنفسه ، فمتى حصلت له هاتان المعرفتان ،أنتجتا فقرًا ،هو عين غناه ،وعنوان فلاحه

وسعادته ، وتفاوت الناس في هذا الفقر بحسب تفاوتهم في هاتين المعرفتين ،

فإن اللَّه تعالى قد أخرج العبد من بطن أمه ضعيفًا مسكينًا ، جاهلاً ، كما قال تعالى : { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } . وسخر اللَّه له ما في البر والبحر مما يصلحه ويعينه على أمر دينه ودنياه ، فلما شعر بأن له قدرة على السعي ، واستطاعة على التدبير ظن المسكين أن له نصيبًا من الملك، وادَّعى لنفسه مُلكًا مع الله سبحانه ، ورأى نفسه بغير هذا الضعف الأول الذي كان عليه ، ونسي ما كان فيه من حالة الإعدام والفقر والحاجة ؛ حتى كأنه لم يكن هو ذلك الفقير المحتاج ، بل كأن ذلك شخصًا غيره .

كما روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ بُسْرِ بْنِ جَحَّاشٍ الْقُرَشِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بَزَقَ يَوْماً فِي كَفِّهِ فَوَضَعَ عَلَيْهِ أُصْبُعَهُ ثُمَّ قَالَ « قَالَ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ أَنَّى تُعْجِزُنِي وقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ حَتَّى إِذَا سَوَّيْتُكَ وَعَدَلْتُكَ مَشَيْتَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ وَلِلأَرْضِ مِنْكَ وَئِيدٌ فَجَمَعْتَ وَمَنَعْتَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِىَ قُلْتَ أَتَصَدَّقُ وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ

ومن هنا خَذَل من خذل ، ووفَّق من وفق ، فحجب المخذولَ عن حقيقته ونسي نفسه ،فنسي فقره وحاجته وضرورته إلى ربه ، فطغى وعتا فحقَّتْ عليه

الشِقْوَةُ ، قال تعالى :{كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى  أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى } [ العلق : 6، 7 ]

فأكمل الخلق أكملهم عبودية ، وأعظمهم شهودًا لفقره وضرورته وحاجته إلى ربه ،وعدم استغنائه عنه طرفة عين . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس افتقارًا إلى ربه ، وكان من دعائه : ((اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ أَصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ » رواه أحمد وغيره

وقد كان يعلم صلى الله عليه وسلم أن قلبه الذي بين جنبيه بيد الرحمن عز وجل لا يملك منه

شيئًا ، وأن اللَّه سبحانه يصرفه كما يشاء ، وكان يدعو صلى الله عليه وسلم :« يَا مُقَلِّبَ

الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ »

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .