أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعــة في موضـــــــــــــوع الغنــــــــــــــي المغنــــــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته

 وهي بعنوان : مقدمة عن توحيد الأسماء والصفات وأثره في وجدان العبد وسلوكه الإيماني:

هذا وقد وصف الله أسماءه بالحسنى في أربعة مواضع في القرآن هي: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180]. {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]. {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى} [طه: 8]. {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [ الحشر: 24].

ووجه الحسن في أسماء الله أنها دالة على مسمى الله فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأقدس مسمى وهو الله عز وجل.

وكذلك لأنها متضمنة لصفاتٍ كاملةٍ, لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالا ولا تقديراً.. [فإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصاً في حال، لم تكن جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له إثباتاً مطلقا، ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً وذلك كالمكر، والكيد، والخداع، ونحوها.... فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها ؛ لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصاً في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها، كقوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54]... وقوله: {إِنَّهُمْ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً} [الطارق: 15-16]... وقوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 182-183]... وقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]... وقوله: {قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 14-15]... ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 71]... فقال: {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانه فاحشة،  في مقام الائتمان، وهي صفة ذم مطلقاً... وبهذا عرف أن قول بعض العوام: "خان الله من يخون" منكر فاحش، يجب النهي عنه... قال ابن تيمية في (مجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 96)): "ولهذا ليس من أسماء الله الحسنى أسم يتضمن الشر وإنما يذكر الشر في مفعولاته كقوله: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} [الحجر: 49-50] وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأعراف: 167]، و قوله: {اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 98]، وقوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [سورة البروج: 12-14]... فبين سبحانه أن بطشه شديد و أنه هو الغفور الودود...

واسم المنتقم ليس من أسماء الله الحسنى الثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم و إنما جاء في القرآن مقيدا كقوله تعالى: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة: 22]، وقوله: {إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [سورة إبراهيم: 47] أهـ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .