أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الرابعــة في موضـــــــــــــوع الغنــــــــــــــي المغنــــــــــــــي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : مقدمة عن توحيد الأسماء والصفات وأثره في وجدان العبد وسلوكه الإيماني :
وأصل توحيد الأسماء والصفات قائم عند أهل السنة على أصلين: الإثبات
والنفي، كما قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "نصفُ الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث"، وقال الأوزاعي - رحمه الله: "ندور مع السنة حيث دارت"، أي: نفيا وإثباتا، فما ثبت في الكتاب والسنة أثبتناه، وما نفي في الكتاب والسنة نفيناه، فباب الأسماء والصفات هو باب إثبات ونفي، إثبات ما أثبته الله لنفسه ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه... هذا هو خلاصة هذا العلم الشريف، إثبات ما أثبته الله تبارك وتعالى لنفسه، ونفي ما نفاه عن نفسه، فمن أثبت ما نفى الله أو نفى ما أثبت الله، وقع في الضلال والزيغ بأي مبرر كان، وبأي مسوغ ذكر، إذا أثبت لله شيئا نفاه الله، أو نفى عن الله تبارك وتعالى شيئا أثبته الله، فهذا في غاية الخطورة، وضرره على الإنسان ضرر بالغ، ليس في أمر الاعتقاد فحسب، بل في أمور الدين كلها... قال تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 22-23].
تأمل في الآية لترى الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء وما ترتب عليه: {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22] هنا نفي لشيء أثبته الله -عز وجل- الله الذي أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحاط علمه بها - سبحانه وتعالى- يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فهؤلاء قالوا في حق الله: إنه لا يعلم كثيرا مما يعملون، لم ينفوا الصفة من أصلها بل أثبتوها، ولكنهم اعتقدوا أن علم الله - سبحانه وتعالى- الذي أثبتوه له ليس محيطا ولا شاملا، بل يفوته - تعالى الله عن قولهم- كثيرا مما يعمله الناس، ولم يقولوا أيضا يفوته كل ما يعمله الناس بل قالوا كثيرا، فلم ينفوا هذه الصفة من أصلها، ولم يجحدوها من أساسها، وإنما نفوا علم الله -سبحانه وتعالى- بكثير مما يعمله الناس..... قال الله - عز وجل- مبينا ما ترتب على هذا الظن الباطل والاعتقاد الفاسد: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23]، وهذه فائدة عظيمة وكبيرة أن الخطأ في توحيد الأسماء والصفات يردي صاحبه ويوقعه في الهلاك والردى والخسران - والعياذ بالله - إذا كان هذا ترتب على من وقع في هذا الاعتقاد، فكيف بمن يجحد الأسماء كلها ويجحد الصفات جميعها، ولا يثبت منها شيئا، ويخوض فيها خوضا باطلا بعقله الكاسد وفكره الفاسد ورأيه السيئ، ينفي عن الله - سبحانه وتعالى- ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم {أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ} [سورة البقرة: 140]!!!
فالخطأ في أسماء الله - تبارك وتعالى- وصفاته بالغ الخطورة، سواء في إثبات ما
نفاه الله، أو في نفي ما أثبته الله...فتنبه.!
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .