أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثالثة والخمسـون في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله

الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*الرزق : مصدره ، أسباب حصوله وزيادته ، حلاله وحرامه ، شروطه :

6 - صلة الأرحام: الصلة: أن يفعل الإنسان مع أقاربه ما يعد به مواصلا غير منافر ولا مقاطع .

والأرحام: هم القرابة ، بدءا بالآباء والأمهات ، ولهم حق زائد عن غيرهم ، ثم البنين والبنات ، والإخوة ، والأخوات ، والأعمام ، والعمات ، والأخوال ، والخالات ، والأجداد ، والجدات ، وأولاد العم ، والأدنى فالأدنى .

أخرج البخاري ومسلم بسنديهما من حديث أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه  إن صلة الرحم بأنواع الصلات - سواء كانت مادية أو معنوية - سبب من أسباب حصول الرزق،بل وبسطه وزيادته،سواء كانت الزيادة حسية،أو معنوية .

وهذا من لطف الله ورحمته أن جعل صلة الأرحام من أعظم القربات والطاعات ، بل وجعل عاقبة هذه الصلة في الدنيا زيادة ونماء ، بل وبسط في الأرزاق بشتى أنواعها . فمن أحب أن يرزقه الله رزقا مباركا واسعا فعليه بصلة الرحم؛ وذلك بإعطائهم من مال الله ما يكفيهم ويسد حاجاتهم الضرورية ، ويزورهم في الله ، ويقول لهم قولا لينا ، ويتلطف معهم ، ويحنو عليهم ، ويعلمهم أمور دينهم ، ويهدي إليهم ما يستل به سخيمة قلوبهم ، إلى غير ذلك من الصلات المشروعة . فالله هو الرزاق وهو اللطيف وهو الكريم ، فكلما أنفق العبد وأعطى وتصدق على أقربائه أعطاه الله ورزقه ، وزاده ، والعكس بالعكس ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، ولأن الله قد وعد بأن يصل من يصل رحمه ويقطع من يقطعها ، أخرج مسلم بسنده من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إن الله خلق الخلق ، حتى إذا فرغ منهم ، قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة . قال: نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى . قال: فذاك لك  .

7 - فعل الطاعات: جرت حكمة الله وسنته أن لا ينال ما عند الله من الرزق

الكريم والفضل العظيم إلا بطاعة الله وعبادته ، وامتثال أمره ، والانتهاء عن نهيه .

العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة؛ قال تعالى:  رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ  ، وقال عز وجل:  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ  ، وقال سبحانه:  مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  ، وقال عز من قائل:  وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ،وقال تعالى:  وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا 

أخرج مسلم بسنده من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة ، يعطى بها في الدنيا ، ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة ، لم يكن له حسنة يجزى بها  . وفي رواية أخرى:  إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا ، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ، ويعقبه رزقا في الدنيا على طاعته  .

وأخرج مسلم بسنده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة: اسق حديقة فلان . فتنحى ذلك السحاب ، فأفرغ ماءه في حرة ، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله ، فتتبع الماء ، فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته ، فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان ، للاسم الذي سمع في السحابة ، فقال له: يا عبد الله ، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان ، لاسمك ، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ قلت هذا ، فإني أنظر إلى ما يخرج منها ، فأتصدق بثلثه ، وآكل أنا وعيالي ثلثا ، وأرد فيها ثلثه  .

وهذا الحديث اشتمل على طاعات عدة؛ منها: النفقة على النفس والعيال من غير إسراف أو مخيلة . ومنها: تخصيص جزء من ثمار هذه الحديقة للفقراء والمساكين والسائلين وابن السبيل؛ مبتغيا بذلك وجه الله متوكلا عليه سبحانه؛ ولذلك تكفل عز وجل بسقي حديقته دون غيرها بطريقة عجيبة حتى لا يتضرر ما بداخلها من ثمار ومزروعات . وهذا فيه دلالة على أن الله يرزق من يشاء ، بأسباب ومن دون أسباب وفق حكمته ، وهذا بفعل الطاعات ، ومنها الإنفاق من أعظم أسباب حصول الأرزاق .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .