أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثامنة والخمسـون بعد المائتـــــان في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :  فهذه الحلقة

الثامنة والخمسون بعد المائتين في موضوع (المقدم المؤخر) وهي بعنوان:

*آثار الإيمان باسميه سبحانه (المقدم، المؤخر) :

سبق القول بأن هذين الاسمين الكريمين هما من أسماء الله الحسنى المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق واحد بمفرده على الله - عز وجل - إلا مقرونًا بالآخر؛ لأن الكمال في اجتماعهما، ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين ما يلي:

أولاً: الإيمان بأنه سبحانه (المقدم والمؤخر) يثمر في قلب المؤمن التعلق

بالله وحده، والتوكل عليه سبحانه؛ لأنه سبحانه لامقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم فمهما حاول البشر من تقديم شيء لم يرد الله - عز وجل – تقديمه، أو تأخير أمر لم يرد الله تعالى تأخيره فلن يستطيعوا. وهذا يخلص القلب من الخوف من المخلوق أو رجائه؛ لأنه لا يملك تقديم شيء أو تأخيره إلا بإذن الله تعالى وحده.

ثانيًا: إن التقدم الحقيقي النافع هو التقدم إلى طاعة الله - عز وجل - وجنته ومرضاته، والتأخر عن ذلك هو التأخر الحقيقي المذموم، أما التقدم في الدنيا والتأخر عنها فليس بمقياس للتقدم والتأخر، ولذا ينبغى للمسلم أن يتوسل إلى ربه سبحانه بهذين الاسمين الكريمين لنيل التقَّدم الحقيقي عنده سبحانه، وترك كل ما يؤخر عن جنته ومرضاته.                                                                                          يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «فالعبد سائر لا واقف. فإما إلى فوق، وإما إلى أسفل وإما إلى أمام، وإما إلى وراء. وليس في الطبيعة، ولا في الشريعة وقوف البتة. ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طَيٍّ إلى الجنة أو إلى النار، فمسرع ومبطئ، ومتقدم ومتأخر. وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء:  { لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } [المدثر : 37] ولم يذكر واقفاً؛ إذ لا منزل بين الجنة والنار، ولا طريق لسالك إلى غير الدارين البتة، فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك  بالأعمال السيئة.

فإن قلت: كل مجد في طلب شيء لا بد أن يعرض له وقفة وفتور، ثم ينهض إلى طلبه.

قلت: لا بد من ذلك. ولكن صاحب الوقفة له حالان: إما أن يقف ليجمَّ

 نفسه، ويعدها للسير، فهذا وقفته سير، ولا تضره الوقفة. فإن «لكل عمل شِرَّة، ولكل شرة فترة». وإما أن يقف لداع دعاه من ورائه، وجاذب جذبه من خلفه، فإن أجابه أخَّره ولا بد. فإن تداركه الله برحمته، وأطلعه على سبق الراكب له وعلى تأخره، نهض نهضة الغضبان الآسف على الانقطاع، ووثب وجمز واشتد سعيًا ليلحق الركب. وإن استمر مع داعي التأخر، وأصغى إليه لم يرض برده إلى حالته الأولى من الغفلة، وإجابة داعي الهوى حتى يرده إلى أسوأ منها وأنزل دَرَكًا».

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .