أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثامنة والأربعـون بعد المائتـــــان في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر
نبذة عن الصوت
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الثامنة والأربعون بعد المائتين في موضوع (المقدم المؤخر) وهي بعنوان:
* حول عصمة الأنبياء ، وتفسير قوله تعالى :" ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ":
السؤال : كنت قرأت في تفسير الآية الكريمة من سورة الفتح : ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) ، لكني للأسف لم أجد في التفاسير التي قرأتها شرحا محدد للذنوب التي قد يكون ارتكبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وغفرها الله له بشكل محدد ، فكلها يذكر يحتمل كذا أو كذا ، ونفس الشيء في شرح الحديث الشريف : (يا أيها الناس ، توبوا إلى ربكم ، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) ، وبالتالي أشعر أني غير متمكن من فهمهما بالشكل الكافي ؛ لشرحها لغير المسلمين ، أو المشككين في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأرجو أن تشرحوا لي ما هي هذه الذنوب المذكوره تفسيرًا للآية الكريمة وشرح الحديث من باب الرد على شبهة في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من الذنوب والزلل .
الجواب : أولًا : اتفق أهل العلم على أن الأنبياء معصومون من الشرك وكبائر الذنوب ، وكذلك اتفقوا على عدم جواز وقوع الصغائر التي تُزري
بفاعلها وتحط من منزلته منهم ، أو تؤدي إلى الطعن في الرسالة كالكذب
ونحو ذلك ، واختلفوا في جواز وقوع الصغائر غير المزرية ، فمنهم من
منع وقوع ذلك ومنهم من أجاز وقوعها .
ثم من أجاز وقوعها منهم فكلهم متفقون على أنهم إذا وقعت منهم الصغائر: أنهم لا يُقَرون عليها، ولا يؤخرون التوبة، بل تعظم توبتهم وخوفهم ، حتى إن منزلتهم وقدرهم عند الله : يكون أعظم بعد وقوع الذنب والتوبة ، مما كان عليه من قبل .
قال أبو العباس القرطبي في "المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم"
(3/58) :" واختلف أئمتنا في وقوع الصغائر منهم ، فمِن قائل بالوقوع ،
ومِن قائل بمنع ذلك .
والقول الوسط في ذلك أن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ، ونسبها إليهم وعاتبهم عليها ، وأخبروا بها عن نفوسهم، وتنصلوا منها ، واستغفروا وتابوا .
وكل ذلك ورد في مواضع كثيرة، لا تقبل التأويلات بجملتها ، وإن قبل ذلك آحادها .لكن الذي ينبغي أن يقال : إنّ الذي أضيف إليهم من الذنوب ليس من قبيل الكبائر، ولا مما يُزري بمناصبهم على ما تقدم ،
ولا كثر منهم وقوع ذلك ، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم، وعوتبوا عليها: يخف أمرها بالنسبة إلى غيرهم ، وإنما عُدّت عليهم، وعوتبوا عليها: بالنسبة إلى مناصبهم، وإلى علو أقدارهم ؛ إذ قد يؤاخذ الوزير بما يُثاب عليه السائس. ولقد أحسن الجنيد حيث قال. حسنات الأبرار سيئات المقربين " انتهى.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .