أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــــــــة العاشرة بعد المائتـــــــــــان في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة العاشرة بعد المائتين في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

*{يُنبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} :

وجملة {يُنبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} مستأنفة استئنافا بيانيا أثارهُ

قوله: {إلى ربك يومئذٍ المستقر}، أو بدل اشتمال من مضمون تلك الجملة، أي إلى الله مصيرهم وفي مصيرهم يُنبأون بما قدموا وما أخروا.

وينبغي أن يكون المراد بـ {الإنسان} الكافر جريا على سياق الآيات السابقة لأنه المقصود بالكلام وإن كان كل إنسان ينبأ يومئذٍ بما قدم وأخر من أهل الخير ومن أهل الشر قال تعالى: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء} الآية [آل عمران: 30].

واختلاف مقامات الكلام يمنع من حمل ما يقع فيها من الألفاظ على محمل

 واحد، فإن في القرآن فنونا من التذكير لا تلزم طريقة واحدة.

وهذا مما يغفل عن مراعاته بعض المفسرين في حملهم معاني الآيات المتقاربة المغزى على محامل متماثلة.

وتنبئةُ الإنسان بما قدّم وأخرّ كناية عن مجازاته على ما فعله: إن خيرا فخيرٌ وإن سُوءا فسوءٌ، إذ يقال له: هذا جزاء الفعلة الفلانية فيعلم من ذلك فعلته ويلقى جزاءها، فكان الإِنباء من لوازم الجزاء قال تعالى: {قل بلى وربي لتُبْعثُنّ ثم لتُنبّؤنّ بما عمِلتم} [التغابن: 7] ويحصل في ذلك الإِنباء

تقريع وفضح لحاله.

والمراد بـ {ما قدم}: ما فعله وب {ما أخرّ}: ما تركه مما أُمر بفعله أو نهي عن فعله في الحالين فخالف ما كُلف به ومما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء: «فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت».

{بلِ الإنسان على نفسه بصِيرة (14) ولوْ ألْقى معاذِيرهُ (15)}

إضراب انتقالي، وهو للترقي من مضمون {يُنبّأُ الإنسان يومئذٍ بما قدم وأخّر} [القيامة: 13] إلى الإِخبار بأن الكافر يعلم ما فعله لأنهم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، إذ هو قرأ كتاب أعماله فقال: {يا ليتني لم أوت كتابِيهْ ولم أدر ما حِسابيهْ} [الحاقة: 25، 26]، {ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا} [الكهف: 49].

وقال تعالى: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} [الإسراء: 14].

ونظم قوله: {بل الإنسان على نفسه بصِيرة} صالح لإِفادة معنيين:

أولهما أن يكون {بصِيرة} بمعنى مبصر شديد المراقبة فيكون {بصِيرة} خبرا

 عن {الإنسان}. و{على نفسه} متعلقا بـ {بصِيرة}، أي الإنسان بصيرٌ بنفسه.

وعُدّي بحرف {على} لتضمينه معنى المراقبة وهو معنى قوله في الآية الأخرى: {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}.

وهاء {بصِيرة} تكون للمبالغة مثل هاء علامة ونسّابة، أي الإنسان عليم بصير قوي العلم بنفسه يومئذٍ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .