أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثانية والتسعـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

* أسرار البيان في التعبير القرآني (التقديم والتأخير) :

ومن ذلك قوله تعالى: {وَلاَ تقتلوا أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151] . وقوله: {وَلاَ تقتلوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} [الإسراء: 31] فقدم رزق الآباء في الآية الأولى على الأبناء، وفي الآية الثانية قدم رزق الأبناء على الآباء، وذلك أن الكلام في الآية الأولى موجه إلى الفقراء دون الأغنياء فهم يقتلون أولادم من الفقر الواقع بهم لا أنهم يخشونه، فأجبت البلاغةُ تقديمَ عِدَتِهم بالرزق تكميل العِدَةِ

برزق الأولاد.

وفي الآية الثانية الخطاب لغير الفقراء وهم الذي يقتلون أولادهم خشية الفقر لا أنهم مفتقرقون في الحال، وذلك أنهم يخافون أن تسلبهم كلف الأولاد ما بأيديهم من الغنى فوجب تقديم العدة برزق الأولاد فيأمنوا ما خافوا من الفقر. فقال: لا تقتلوهم فإنا نرزقهم وإياكم، أي إن الله جعل

معهم رزقهم فهم لا يشاركونكم في رزقكم فلا تخشوا الفقر.

ومن ذلك قوله تعالى: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أبصارهم غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] .

وقوله: {وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجاثية: 23] فقدم القلوب على السمع في البقرة، وقدم السمع على القلب في الجاثية وذلك لأنه في البقرة ذلك القلوب المريضة فقال: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً} [البقرة: 10] فقدم القلوب لذلك.

وفي الجاثية ذكر الأسماع المعطلة فقال: {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ ءايات الله تتلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} [الجاثية: 7-8] فقدم السمع. فوضع كل لفظة في المكان الذي يناسبها.

ثم إن آية البقرة ذكرت من أصناف الكافرين من هم أشد ضلالاً وكفراً ممن ذكرتهم آيةُ الجاثية فقد جاء فيها قوله تعالى: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ سَوَآءٌ

عَلَيْهِمْءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أبصارهم غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} [البقرة: 6-7] .

وجاء في الجاثية قوله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلاهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23] فقد ذكر في البقرة أن الإنذار وعدمه عليهم سواء وأنهم مَيؤوسٌ من إيمانهم. ولم يقل مثل ذلك في الجاثية.

ثم كرر حرف الجر (على) مع القلوب والأسماع في آية البقرة مما يفيد توكيد الختم فقال: {على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ} [البقرة: 7] . ولم يقل مثل ذلك في الجاثية، بل انتظم الأسماع والقلوب بحرف جر واحد فقال: (وختم

على سمعه وقلبه) .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .