أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والثمانـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة التاسعة والثمانون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

* أسرار البيان في التعبير القرآني (التقديم والتأخير) :

فمن ذلك تقديم لفظ (الضرر) على (النفع) وبالعكس قالوا: إنه حيث تقدم النفع على الضر فلتقدم ما يتضمن النفع، قال تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ الله} [الأعراف: 188] فقدم النفع على الضرر وذلك لأنه تقدمه في قوله {مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتدي وَمَن يُضْلِلْ فأولائك هُمُ الخاسرون} [الأعراف: 178] فقدم الهداية على الضلال، وبعد ذلك قال: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغيب لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخير وَمَا مَسَّنِيَ السواء} [الأعراف: 188] فقدم الخير على السوء ولذا قدم النفع على الضرر إذ هو المناسب للسياق.

وقال: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ الله} [يونس: 49] فقدم الضرر على النفع وقد قال قبل هذه الآية: {وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11] وقال: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ} [يونس: 12] .

فقدم الضر على النفع في الآيتين. ويأتي بعد هذه الآية قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ المجرمون} [يونس: 50] فكان المناسب تقديم الضرر على النفع ههنا.

وقال: {قُلْ أفاتخذتم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً} [الرعد: 16] . فقدَّم النفع على الضرر، قالوا: وذلك لتقدم قوله تعالى: {وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً} [الرعد: 15] فقدم الطوع على الكره.

وقال: {فاليوم لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً} [سبأ: 42] فقد النفع على الضر، قالوا: وذلك لتقدم قوله: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [سبأ: 39] فقدم البسط. وغير ذلك من مواضع هاتين اللفظتين.

ومن ذلك تقديم الرحمة والعذاب. فقد قيل إنه حيث ذكر الرحمة والعذاب بدأ بذكر الرحمة كقوله تعالى: {يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} [المائدة: 18] وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت: 43] وقوله: {غَافِرِ

الذنب وَقَابِلِ التوب شَدِيدِ العقاب ذِي الطول} [غافر: 3] وعلى هذا جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى: "إن رحمتي سبقت غضبي"

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .