أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة السابعة والثمانـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة السابعة والثمانون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

* أسرار البيان في التعبير القرآني (التقديم والتأخير) :

وجعلوا منه أيضاً تقديم المغفرة على الرحمة نحو قوله تعالى: {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 173] في آيات كثيرة وقوله: {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 100] قالوا: وسبب تقديم الغفور على الرحيم أن "المغفرة سلامة والرحمة غينمة، والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة وإنما تأخرت في آية سبأ في قوله: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرض وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السمآء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرحيم الغفور} [سبأ: 2] فالرحمة شملتهم جميعاً والمغفرة تخص بعضاً. والعموم قبل الخصوص بالرتبة".

وإيضاح ذلك أن جميع الخلائق من الإنس والجن والحيوان وغيرهم محتاجون إلى رحمته، فهي برحمته تحيا وتعيش وبرحمته تتراحم. وأما المغفرة فتخص المكلفين فالرحمة أعم.

ومن التقديم بالرتبة أيضاً قوله تعالى في من يكنز الذهب والفضة: {يَوْمَ يحمى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فتكوى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: 35] فبدأ بالجباة ثم الجنوب ثم الظهور "قيل: لأنهم كانوا إذا أبصروا الفقير عبسوا وإذا ضمهم وإياه مجلس أزْوَرُّوا عنه وتولوا بأركانهم وولَّوهُ ظهورهم". فتدرج بحسب الرتبة.

وقد يكون التقديم بحسب الكثرة والقلة فقد يرتب المذكورات متدرجاً من القلة إلى الكثرة حسبما يقتضيه المقام وذلك نحو قوله تعالى: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ والعاكفين والركع السجود} [البقرة: 125] فكل طائفة هي أقل من التي بعدها فتدرّج من القلة إلى الكثرة. فالطائفون أقل من العاكفين لأن الطواف لا يكون إلاّ حول الكعبة. والعكوف يكون في المساجد عموماً. والعاكفون أقل من الراكعين لأن الركوع أي: الصلاة تكون في كل أرض طاهرة، أما العكوف فلا يكون إلاّ في المساجد. والراكعون أقل من الساجدين وذلك لأن لكل ركعة سجدتين ثم أن كل راكع لا بد أن يسجد وقد يكون سجود ليس له ركوع كسجود التلاوة

وسجود الشكر. فهو هنا تدرّج من القلة إلى الكثرة.

ولهذا التدرج سبب اقتضاه المقام فإن الكلام على بيت الله الحرام. قال تعالى: {وَعَهِدْنَآ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ والعاكفين والركع السجود} [البقرة: 125] فالطائفون هم ألصق المذكورين بالبيت لأنهم يطوفون حوله، فبدأ بهم ثم تدرج إلى العاكفين في هذا البيت أو في بيوت الله عموماً ثم الرُّكَّعِ السجود الذي يتوجهون إلى هذا البيت في ركوعهم وسجودهم في كل الأرض.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .