أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة السادسة والثمانـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

* أسرار البيان في التعبير القرآني (التقديم والتأخير) :

ويمكن أن يكون تقديم السمع على البصر لسبب آخر عدا الأفضلية، وهو أن مدى السمع أقل من مدى الرؤية، فقدم ذا المدى الأقل متدرجاً من القصر إلى الطول في المدى، ولذا حين قال موسى في فرعون: {إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يطغى} [طه: 45] قال الله تعالى: {قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى} [طه: 46] فقد فقدم السمع لأنه يوحي بالقرب إذ الذي يسمعك يكزن في العادة قريباً منك بخلاف الذي يراك فإنه قد يكون بعيداً وإن كان الله لا يندّ عن سمعه شيء.

وقد يكون التقديم بحسب الرتبة وذلك كقوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} [القلم: 10-12] "فإن الهمَّاز هو العيَّاب وذلك لا يفتقر إلى مشي بخلاف النميمة فإنها نقلٌ للحديثِ من مكان إلى مكان عن شخص إلى شخص".

فبدأ بالهماز وهو الذي يعيب الناس وهذا لا يفتقر إلى مشي ولا حركة، ثم انتقل إلى مرتبة أبعد في الإيذاء وهو المشي في النميمة، ثم انتقل إلى مرتبة أبعد من الإيذاء، وهو أنه يمنع الخير عن الآخرين، وهذه مرتبة أبعد في الإيذاء مما تقدمها. ثم انتقل إلى مرتبة أخرى أبعد مما قبلها وهو الاعتداء، فإن منع الخير قد لا يصحبه اعتداء، أما العدوان فهو مرتبة أشد في الإيذاء. ثم ختمها بقوله: (أثيم) وهو وصف جامع لأنواع الشرور، فهي مرتبة أشد إيذاءً. جاء في (بدائع الفوائد) : "وأما تقدم (هماز) على (مشاء بنميم) فالرتبة لأن المشي مرتب على القعود في المكان. والهماز هو العياب وذلك لا يفتقر إلى حركة وانتقال من موضعه بخلاف النيميم. وأما تقدم (مناع للخير) على (معتدٍ) فبالرتبة أيضاً لأن المناع يمنع من نفسه والمعتدي يعتدي على غيره ونفسه قبل غيره".

وجعلوا منه تقدم السمع على العلم حيث وقع في القرآن الكريم كقوله

تعالى: {وَهُوَ السميع العليم} [البقرة: 137] وقوله: {إِنَّهُ هُوَ السميع العليم} [الأنفال: 61] وذلك أنه "خبر يتضمن التخويف والتهديد، فبدأ بالمسع لتعلقه بما يقرب كالأصوات وهمس الحركات، فإن مَنْ سمع حِسَكَ وخَفيّ صوتك أقرب إليك في العادة ممن يقال لك: إنه يعلم وإن كان علمه تعالى متعلقاً بما ظهر وبطن وواقعاً على ما قرب وشطن. ولكن ذكر السميع أوقعُ في باب التخويف من ذكر العليم فهو أولى بالتقديم". ويمكن أن يُقال: إن السمع من وسائل العلم فهو يسبقه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .