أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة السادسة والسبعـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة السادسة

والسبعون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

*من الظواهر اللغوية التقديم والتأخير :

تشتهر اللغة العربية بمجموعة كبيرة من الظواهر اللغوية التي شاعت وانتشرت بين نصوصها، واتخذها النحاة واللغويون أداة للتحليل اللغوي، وسبْر أغوار اللغة، وتذوق النصوص اللغوية المختلفة، ومن هذه الظواهر: الحذف، والزيادة، والتقديم والتأخير، والفصل، والاعتراض إلى غير ذلك، ولعل الحذف هو أشهر هذه الظواهر اللغوية، وأكثرها انتشارًا في النصوص اللغوية.

(التقديم) في اللغة مشتق من الجذر الثلاثي (قدم)؛ جاء في كتاب (العين):

"القُدْمةُ، والقَدمُ أيضًا: السابقةُ في الأمرِ، وقوله تعالى: ﴿ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾[يونس 2]؛ أي: سَبَقَ لهم عند اللهِ خيرٌ، وللكافرين قَدَمُ شرًّ.... والقِدَمُ مصدرُ القديمِ من كل شيء، وتقول: قَدُمَ يَقْدُمُ، وقَدَمَ فلانٌ قَومَهُ، أي: يكون أمامهم".

أما (التأخير)، فهو مشتق من الجذر الثلاثي (أخر)، وقد جاء في المعاجم العربية:

"التأخير ضد التقديم، ومؤخَّر كل شيء خلاف متقدَّمه"، "أو مقدَّمه

يقال: ضرب مقدَّم رأسه ومؤخَّره"، "والمقدم: نقيض المؤخر"، و"قُدَّام خلاف وراء".

إذًا فالتقديم والتأخير متضادان، لذلك فإن المعاجم لا تذكر أحدهما بدون الآخر عند تعريف كل منهما كما رأينا.

أما (التقديم والتأخير) اصطلاحًا، فنجده مرتبطًا بمعناه اللغوي السابق، بالإضافة إلى النظر إلى الأصل في التركيب اللغوي، كونه جملة اسمية مكونة على الترتيب من مبتدأ وخبر، أو جملة فعلية مكونة على الترتيب من فعل وفاعل ومفعول به، أو ما في محله إن كان الفعل متعديًا، وعليه فإن أي تغيير في هذا الترتيب يُعدُّ تقديمًا وتأخيرًا في أصل التركيب وعدولًا عنه.

لذلك يعرف الدكتور أحمد مطلوب التقديم والتأخير بأنه "تغيير لبنية التراكيب الأساسية، أو هو عدول عن الأصل يكسبها حرية ورقة، ولكن هذه الحرية غير مطلقة".

كما يمكن تعريف (التقديم) بأنه "تقديم جزء من الكلام بمقتضى البلاغة، حقُّه أن يتأخر في الترتيب بمقتضى الأصل العام في القواعد"، وفي المقابل فإن (التأخير) هو تأخير جزء من الكلام حقُّه أن يتقدم.

فمن خلال التعريفين السابقين يتبيَّن لنا مقدار المساحة التي تُفردها اللغة، والحرية التي تُمنحها للمتكلم إذا أراد أن يَعدِل عن الأصل بالتقديم

والتأخير، وأنها ليست مطلقة أو بدون ضابط، كما أن هذا (التقديم والتأخير) مشروط بإفادة المعنى وحُسنه، وإلا فلا فائدة من ورائه، ولا

حاجة إليه، كما سنبيِّن ذلك في الحديث عن (التقديم والتأخير) عند كلٍّ من النحويين والبلاغيين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .