أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثانية والستـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثانية والستون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

* ذكر الله - مرج البحرين :

 لقد وعدكِ الله تعالى بالنار على أرادة الدنيا ، وكل من لا يصحبك بعد الموت فهو من الدنيا ، فهل تنزهت عن أرادة الدنيا وحبها ، ولو أن طبيباً مجوسياً وعدكِ بالموت أو المرض على تناولك ألذ الشهوات لتحاشيتها واتقيتها ، أكان هذا الطبيب أصدق عندك من الله تعالى .

 مهما تحب هذه الأكلة إذا قال لك الطبيب هذه الأكلة مميتة ، لها مضاعفات خطيرة ، دع الدخان ، يدعه فوراً ، أكان الطبيب أصدق عندك من الله ، الله في عليائه ، رافع السماوات بغير عمد ، يقول لك : إذا أرادت الدنيا وزينتها فالنهاية إلى النار ، أيعقل أن يكون الطبيب أصدق عندك من الله تعالى .

 فإن كان ذلك فما أكفرك ، يخاطب نفسه ، فإن كان ذلك فما أكفركِ يا نفس ، أو كان المرض أشد عندك من النار ، فإن كان ذلك فما أجهلك ،

 إذا آثرت الموت أو المرض على هذه الأكلة التي لا تبقى في الفم إلا دقيقة ، إذا آثرت الموت عليها فما أجهلك يا نفس ، وإن كان الطبيب أصدق عندك من الله فما أكفرك ، مناقشة داخلية ، جرت بين الإمام الغزالي ونفسه ، هذا الواعظ الناطق ، فصدقت ثم انتفعت ، ثم أقبلت عليها بالواعظ الصامت :

 فقلت لها : لقد أخبر الناطق عن الصامت ، أخبر الناطق ، القرآن عن الصامت ، وهو الموت ، إذا قال تعالى :

﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾[ سورة الجمعة الآية : 8 ]

 قلت لها ، لنفسه ، هبي أنك نلت إلى العاجلة ، إلى الدنيا ، أفلست مصدقة بأن الموت لا محالة آتيك ، وقاطع عليك كل ما أنت متمسكة به

وسالب فيك كل ما أنت راغبة فيه ، وكل ما هو آتٍ قريب ، والبعيد ما ليس بآت ، ما دام آت فهو قريب ، قال تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ

سِنِينَ ﴾[ سورة الشعراء : 205 ]

طعام وشراب ومتعة ورفاه وولائم ونزهات وسهرات وحفلات وسياحة :﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾[ سورة الشعراء : 205 ـ 207 ]

 أفأنت يا نفس مخرجة هذا عن جميع ما أنت فيه ، والحر الحكيم يخرج من الدنيا خائباً خاسراً متحسراً قالت صدقت ، هذا الحديث يكفي حوار جرى في نفس الإمام الغزالي ، بينه وبين نفسه ، مبني على حديث لرسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : تركت فيكم واعظين ناطق وصامت ، فالناطق هو القرآن ، والصامت هو الموت ، فإذا أرادنا الدنيا وزينتها فالله بالواعظ الناطق يعدنا بالنار ، وإذا استمتعنا بالحياة الدنيا يأتي الموت فيضع حداً لهذا .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .