أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثالثة والخمسـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثالثة

والخمسون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* سؤال الرجعة إلى الدنيا عند الاحتضار :

قال أبو جعفر الطبري في تفسير هذه الآية: (يقول تعالى ذكره وَأَنْفِقُوا أيها المؤمنون بالله ورسوله، من الأموال التي رزقناكم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ إذا نزل به الموت: يا رب هلا أخرتني، فتمهل لي في الأجل إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ يقول فأزكي مالي، وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ أعمل بطاعتك وأؤدي فرائضك، وقيل: عني بقوله وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وأحج بيتك الحرام)  .

وفي موضع آخر من كتاب الله تعالى يخبر جل وعلا عن حال الذين ظلموا أنفسهم عند معاينة العذاب وحلول الأجل أنهم يسألون الرجعة وتأخير الأجل؛ نادمين على ما فعلوا، قال تعالى مخبراً عنهم: وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ [ إبراهيم: 44]؛ وهذا كله أمل في التخلص من العذاب الأليم وإلا فهم كاذبون في وعودهم؛ ولهذا يوبخون بأن يقال لهم أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ [ إبراهيم: 44، 45]،

فهم يوبخون بتذكيرهم بكذبهم حين أقسموا أنهم لن يزولوا عن الدنيا إلى الآخرة، وهم يرون ويعلمون ما أحل بالأمم المكذبة قبلهم وما نزل بهم من العقوبات ولكنهم لم يعتبروا ولم يتعظوا، بل أعرضوا واستمروا على باطلهم وظلمهم حتى وصلوا إلى اليوم الذي لا ينفع فيه اعتذار ولا تقبل فيه توبة   .

قال الشنقيطي ت1393هـ: (قوله تعالى حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ

قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا.. [المؤمنون: 99-100] وما تضمنته الآية الكريمة من أن الكافر والمفرّط في عمل الخير إذا حضر أحدهما الموت طلبا الرجعة إلى الحياة؛ ليعملا العمل الصالح الذي يدخلهما الجنة، ويتداركا به ما سلف منهما من الكفر والتفريط، وأنهما لا يجابان إلى ذلك، كما دل عليه حرف الزجر والردع الذي هو كَلا، جاء موضحاً في مواضع أخر كقوله تعالى وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا الآية، وقوله تعالى: وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ [إبراهيم: 44] إلى غير ذلك من الآيات، وكما أنهم يطلبون الرجعة عند حضور الموت، ليصلحوا أعمالهم؛ فإنهم يطلبون ذلك يوم القيامة، ومعلوم أنهم لا يجابون إلى ذلك.

وقولـه تعالى في هذه الآية الكريمة لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا الظاهر أن لعل فيه للتعليل أي ارجعون لأجل أن أعمل صالحاً، وقيل: هي للترجي والتوقع؛

لأنه غير جازم بأنه إذا رُدّ للدنيا عمل صالحاً، والأول أظهر، والعمل الصالح يشمل جميع الأعمال من الشهادتين والحج، الذي كان قد فرّط فيه، والصلوات والزكاة، ونحو ذلك، والعلم عند الله تعالى، وقوله كَلا كلمة زجر، وهي دالة على أن الرجعة التي طلبها لا يعطاها كما هو واضح)) 

[ الأنترنت – موقع الدرر السنية - سؤال الرجعة إلى الدنيا عند الاحتضار ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .